akdak

المقالات

قسم الفقه

رسالة في وقت صلاة الصبح

639

محمد حسين الأنصاري

كنت أظن ولحدٍ قريب أن غيرنا من المسلمين يثبت الفجر عندهم بالفجر الكاذب ، لا الصادق ، حتى أردت أن أدخل في هذه المعمة التي طال الحديث حولها ، ورأيت الآراء المختلفة عنها ، والبسطاء من الناس يتبع ما يُتداول ، حتى وإن نُبِّهَ للحق ، بل رأيت البلاء يعم حتى مدننا المقدسة ، فأهل الخبرة يعيّنون الفجر ويعيّنون للصلاة بعدها وقتاً آخر ، فيرتفع الأذان عند الوقت الأول ، الذي يعبّرون عنه أحياناً بالفجر الفلكي ، فيصبح الأذان المرفوع هو بالضبط الصوت الذي يرتفع وقت الإمساك في شهر رمضان ، و المعنيّون يحددونه كذلك ، ولكن مشكلتنا أن الناس غير ملتفتة لذلك ، حتى طلبة العلم منهم ، فالناس كل الناس تصلي عند رفع الأذان لا عند الوقت الذي يذكرونه في كراريسهم من أنه وقت صلاة الصبح ، فترى الناس يسرعون للصلاة لتقع صلاتهم قبل دخول وقت الصلاة مع الأسف الشديد .

وهذا إن شئنا أو أبينا تغرير بالمؤمنين .

فلماذا نصر عليه مع علمنا بوقوع أغلب المصلين بهذه المصيبة ؟

وأصلاً متى نصلي صلاة الصبح يا مسلمون ؟

وأحسب أن من أحسن من كتب حديثاً في هذا الموضوع العلامة الشيخ محمد صادق محمد الكرباسي حفظه الله تعالى ، ولكنه وقع فيما وقع به السابقون من دون التفات ، وذلك يتبين بما سيأتي من الحديث .

وندخل الموضوع مباشرة :

قال تعالى (( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا )) [ الإسراء 17 / الآية 78 )) :

وقد ذكر العلماء ، ومنهم علماء التفسير ، كتفسير العياشي ، وصاحب البحار ج18/ ص41. وصاحب الميزان وقبله مجمع البيان ، وغيرهم في تفسير هذه الآية أن المراد بقران الفجر هنا صلاة الفجر ، وقد وردت روايات كثيرة من الفريقين تفيد هذا المعنى .

فهذه الآية المباركة تفيد تقييد هذه الصلاة بالفجر .

فمتى يكون الفجر ، ومتى ينتهي وقتها ؟

جاء في كتاب المغني لإبن قدامة الجزء الأول ، كتاب الصلاة / باب المواقيت / مسألة وقت الصبح / مكتبة الرياض الحديثة ، 1401 هجرية – 1981 ميلادية / أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الحنبلي ، الشهير بابن قدامة المقدسي (المتوفى: 620هـ) . ويُعدّ كتابه (المغني) من أهم المراجع الفقهية للمذهب الحنبلي ـ إن لم يكن أهمها على الإطلاق .

( 529 )  مسألة : قال : ( وإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح والوقت مبقى إلى ما قبل أن تطلع الشمس ، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع فقد أدركها ، وهذا مع الضرورة ) وجملته أن أن وقت الصبح يدخل بطلوع الفجر الثاني إجماعا ، وقد دلت عليه أخبار المواقيت ، وهو البياض المستطير المنتشر في الأفق ، ويسمى الفجر الصادق ; لأنه صدقك عن الصبح وبينه لك ، والصبح ما جمع بياضا وحمرة ، ومنه سمي الرجل الذي في لونه بياض وحمرة أصبح ، وأما الفجر الأول ، فهو البياض المستدق صَعَدا من غير اعتراض ، فلا يتعلق به حكم ، ويسمّى الفجر الكاذب . )) .

والظاهر أنه قول الفقهاء ، ويدل عليه :

ما جاء في في سنن أبي داود : سنن أبي داود ، باب وقت السحور ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر ، الطبعة الأولى 1371 هجرية – 1952 ميلادية.

1 – قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
[
كلوا و اشربوا و لا يَهِيدَنَّكُم لا يَهِيدَنَّكُم : لا يمنعكم ، و أصل الهيد : الزجر .الساطع المُصْعِدُ ، فكلوا و اشربوا حتى يَعْتَرِضَ لكم الأحمرُ .] .

وجاء في سنن النسائي : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
[…
ليس الفجر أن يقول هكذا و أشار بكفه و لكن الفجر أن يقول هكذا و أشار بالسبابتين .]

سنن النسائي ، باب كيف الفجر . وورد شبيه له فيه أيضاً .
وروى الدّارقطنيّ عن عبد الرحمن بن عباس أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
[
هما فجران فأما الذي كأنه ذَنَب السّرْحان فإنه لا يحل شيئا و لا يحرمه و أما المستطيل الذي عارض الأفق ففيه تحل الصلاة و يحرم الطعام.]

رواه القرطبي في تفسيره المسمى ” الجامع لأحكام القرآن الكريم ” ، الجزء الأول ، مطبعة دار الكتب المصرية 1351 هجرية – 1933 ميلادية ، عند تفسير الآية 187 من سورة البقرة.

هذا كله عن طريق العامة ، وأما عن طرقنا :

فقد جاء :

في صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « قال : لكل صلاة وقتان وأوّل الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً ، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام ، ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلا من عذر أو من علة » . الوسائل ٤ : ٢٠٨ / أبواب المواقيت ب ٢٦ ح ٥.

فضلاً عن ورود روايات أخر استدل بها على المطلوب ، وبعضها وقع فيها حديث حتى لو ثبت ففي الصحيحة كفاية .

ومع ثبوت هذا عن مصدر التشريع اختلف التطبيق ، فوقع القوم في حيص بيص حيث لو تتبعنا المرجعيات المسلمة لتبين لنا الإختلاف الكبير بينها في تحديد الفجر وهو موضع حديثنا ، والذي وقع في أيدينا : حُصر في الجدول التالي ( وهو يشمل المناطق المحصورة بين خط عرض 48.5 شمالاً ــ خط عرض 48.5 جنوباً ) ، أي المناطق الإستوائية والمعتدلة :

المرجعية : إتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.
أماكن التطبيق : بعض فرنسا .
زاوية الفجر: 12 ( درجة تحت الأفق الشرقي) ، أي قطر الشمس يكون تحت الأفق بزاوية مقدارها 12 درجة عن الأفق .

المرجعية : هيئة المساحة المصرية.
أماكن التطبيق: مصر، أفريقيا، سوريا، لبنان، العراق، ماليزيا، بعض الولايات المتحدة الأمريكية.
زاوية الفجر: 19.5 ( درجة تحت الأفق الشرقي)

المرجعية: جامعة أم القرى
أماكن التطبيق : شبه الجزيرة العربية
زاوية الفجر: 19( درجة تحت الأفق الشرقي)

المرجعية : جامعة العلوم الإسلامية في كراشي .
أماكن التطبيق : باكستان ، بنجلادش ، الهند ، أفغانستان ، بعض أوروبا  .
زاوية الفجر: 18( درجة تحت الأفق الشرقي)

المرجعية: الجمعية الإسلامية لشمال أمريكا.
أماكن التطبيق: بعض الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، بعض المملكة المتحدة.
زاوية الفجر: 15 ( درجة تحت الأفق الشرقي) .

والمرجعية الشيعية :

زاوية الفجر عندها: 18 ( درجة تحت الأفق الشرقي)
أماكن التطبيق : الذي رأيته فعلاً : العراق ، وإيران .

وبحسب ما نُقل بدراسة العلامة الكرباسي عن السيد الخوئي ، والسيد الخميني ، والسيد الكلبايكاني ، وكما فهم من العبارة التي نقلها عن صاحب تفسير الميزان السيد محمد حسين الطباطبائي  .

ولكن عندما ذهبت للميزان ، لأنه حدث في النفس شئ من نفس العبارة ومن تفسيرها ، رأيت العبارة كما يلي :

(( قوله تعالى : و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، الفجر فجران فجر أول يسمى بالكاذب لبطلانه بعد مكث قليل و بذنب السرحان لمشابهته ذنب الذئب إذا شاله ، وعمود شعاعي يظهر في آخر الليل في ناحية الأفق الشرقي إذا بلغت فاصلة الشمس من دائرة الأفق إلى ثمانية عشر درجة تحت الأفق ، ثم يبطل بالاعتراض فيكون معترضا مستطيلا على الأفق كالخيط الأبيض الممدود عليه و هو الفجر الثاني ، و يسمى الفجر الصادق لصدقه فيما يحكيه و يخبر به من قدوم النهار و اتصاله بطلوع الشمس . )) .

وأظن أنه حفظه الله تعالى حسب أن (( وعمود شعاعي .. )) هو بيان للفجر الثاني ، ولكن لو دققت لرأيت خلافه ، فهذه العبارة لا زالت تشرح الفجر الأول ، فإذا كان كذلك فإذاً قوله (( إذا بلغت فاصلة الشمس من دائرة الأفق إلى ثمانية عشر درجة تحت الأفق )) هو بيان وقت الفجر الكاذب لا الصادق ، بدليل قوله بعدها مباشرة (( ثم يبطل بالاعتراض فيكون معترضا مستطيلا على الأفق كالخيط الأبيض الممدود عليه و هو الفجر الثاني ، و يسمى الفجر الصادق.. )) .

فإذاً رأي السيد الطباطبائي رحمه الله تعالى هو أن الشمس عندما تبلغ  درجة ( 18 ) عن الأفق يكون الفجر الكاذب موجوداً لا الصادق .
وقد ذكر الأستاذ محمد علي صائغ في تقويمه ، وهو من أحسن التقاويم وأضبطها لو التزم عملياً به : (( يُحسب وقت صلاة الصبح فلكياً بوجود الشمس تحت الأفق الشرقي بمقدار 18 درجة في أغلب البلدان الإسلامية ، وهو الوقت الذي يؤذن فيه في الإذاعات والمحطات التلفزيونية ( … ) … وهناك دراسات حديثة تبين أن هذه الزاوية أقل بمقدار 3 درجات ، أي 15 درجة ، بدلاً من 18 درجة .

كما وتمّت دراسات أخرى مماثلة في المملكة العربية السعودية إنتهت إلى أن هذه الزاوية تتراوح بين 14.5 إلى 15.2 درجة ( تختلف حسب أيام السنة ) .

ولقد أوصت ندوة تحقيق مواقيت صلاتي الفجر والعشاء التي عقدت بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية يوم 29 / 3 / 1999 م بالعمل بالمواقيت الحالية ، لحين التأكد من هذه النتيجة ، لإجراء دراسات شاملة لمواقع وبيئات مختلفة وباستخدام أجهزة حديثة .)) . ص10 / تقويم الصائغ الهجري لعام 1433 هج  / محمد علي صائغ / الإصدار العاشر / مركز العلوم الفلكية لدراسات وأبحاث المواقيت والأهلة .

نقول :

بما أن قرص الشمس عندما يكون تحت الأفق الشرقي بزاوية مقدارها 12 درجة يكون الفجر واضحاً جداً ، ولما تكون الزاوية أكثر من 18 درجة يكون الظلام دامساً كما سيتبين لك من المراصد والدراسات العلمية والفلكية :

إذن نعلم علم اليقين من أن الفجر يحدث عندما تكون الزاوية بينهما ، فلا عبرة بغيرها .

فما هي ؟

أصرّ قوم من أنها 18 درجة ، وآخرون على الوسط بينهما ، ورأي على درجة أخرى ، على ما ظهر لك فيما قدّمنا .

وإليك ما جاء في أهم مرصدين بالعالم وهما مرصد جرينتش الملكي ، ومرصد البحرية الامريكية.

مرصد البحرية الأمريكية:

ذكرت مجلة الأزهر نقلاً عنه  :

(( يعتبر الظلام التام منتهياً في الصباح عندما يكون مركز الشمس هندسيا ً بـ 18 درجة تحت الأفق , ومهما يكن ففي ذلك الوقت يكون النور باهتاً , لدرجة كبيرة لايدرك معها بالحـس . وهكذا فإنّ الوقتين فـي الصباح وفي المساء , قد تم الاصطلاح على تعريفهما كبدء فجر الصباح وانتهاء شفق المساء , ولكن لفترة كبيرة بعد البدء في الصباح ، وقـبل الإنتهاء في المساء يكون النور باهتاً لدرجة كبيرة لايُدْرَكُ معها بالحس)) . U.S. NAVAL OBSERVATORY WASHINGON, D.C.20390 / عن مجلة الازهر 1417- 1997 السنة التاسعة والستون ، الجزء العاشر.

وقد نشر الموقع الألكتروني الرسمي للمرصد المذكور ، تحت عنوان : ” معنى الشروق ، والغروب ، والشفق ” :

Astronomical twilight is defined to begin in the morning…when the center of the Sun is geometrically 18 degrees below the horizon. Before the beginning of astronomical twilight in the morning…scattered light from the Sun is less than that from starlight and other natural sources. For a considerable interval after the beginning of morning twilight…sky illumination is so faint that it is practically imperceptible.

ترجمته : الشفق الفلكي يعني بداية النهار…عند كون مركز الشمس 18 درجة تحت الأفق.

قبل بداية الشفق الفلكي في الصباح….الضوء المتناثر من الشمس أقلّ من ضوء النجوم ، والمصادر الطبيعية الأخر .

لِفاصلٍ زمني جدير بالاعتبار بعد شفق الصباح…إضاءة السماء باهتة بحيث تكون غير محسوسة من الناحية العملية . )).

المصدر:

Astronomical Applications Department 2011 “Rise, Set and Twilight Definitions” Astronomical Applications Department: FAQ, Washington DC: United States Naval Observatory. Accessed at: http://aa.usno.navy.mil/faq/docs/RST_defs.php on 01/04/13.

وهو نفس المعنى المذكور في المجلة .

ويؤكد هذا الكلام ما جاء فيما نشره الموقع الحكومي الإسترالي الألكتروني للعلوم الجيوفيزيَّة :

Beginning of morning astronomical twilight is defined as the instant in the morning, when the centre of the Sun is at a depression angle of eighteen degrees (18°) below an ideal horizon. At this time the illumination due to scattered light from the Sun is less than that from starlight and other natural light sources in the sky.

ترجمته : (( بداية الشفق الفلكي في الصباح يعرف عندما يكون مركز الشمس تحت الأفق المثالي بزاوية (18 درجة) ثمانية عشر درجة ، في هذا الوقت تكون الإضاءة المنتشرة من الشمس خفيفة ، وهي تكون أقل من ضوء النجوم وغيرها من مصادر الضوء الطبيعية في السماء . )) .

المصدر:

Geoscience Australia 2012 “astronomic definitions” Geoscience Australia, Canberra: Commonwealth of Australia. Accessed at: http://www.ga.gov.au/earth-monitoring/astronomical-information/astronomical-definitions.html on 01/04/13.

وكذا جاء في مرصد جرينتش الملكي:

(( عند الرجوع للرصد العادي نلاحظ  أنّ بدء الفجر يكون عندما تكون زاوية الانخفاض بين  18ــ  12درجة.
والظلام يكون دامساً عندما تكون زاوية انخفاض الشمس بـ 18 درجة تحت الافق او حتى أقل من ذلك بقليل كدرجة ( 17:30 أو 17 ) وليس درجة ( 19:33 ) ، والفجر يطلع عندما يكون انخفاض الشمس درجة 16:30 درجة . )) . الموسوعة البريطانية / ج 22 / ص430.

فإذاً عندما تكون الشمس في درجة 18 تحت الأفق لا يُرى النور بالعين المجردة فدقق في عبارة الموقع الحكومي الإسترالي الألكتروني للعلوم الجيوفيزيَّة، ولاحظ عبارة المرصدين:

فالأول يقول (( ولكن لفترة كبيرة بعد البدء في الصباح وقـبل الإنتهاء في المساء يكون النور باهتاً لدرجة كبيرة لايدرك معها بالحس )).

والثاني يقول : ((والظلام يكون دامساً عندما تكون زاوية انخفاض الشمس بـ 18 درجة تحت الافق او حتى أقل من ذلك بقليل كدرجة ( 17:30 أو 17 ) )).
ونحن نعلم علم اليقين من أن الفجر لابد من إدراكه بالحواس فبهذا لا تصلح أن تكون درجة 18 دلالة على الصلاة أو بدء الصوم ، كما هو واضح .

فهل نأخذ الوسط بين 18 وبين 12 التي هي درجة 15  ، أي عندما يكون قرص الشمس على درجة 15 تحت الأفق؟!، لكنه كما ترى لا دليل شرعي عليه ، وعلينا التأكد من دخول النهار وانتهاء الليل .

فهل نفعل كما فعل العلامة الكرباسي ونضيف خمس دقائق على هذه النقطة حسب ما جاء في الفقرة الثانية من النقاط التي ذكرها على خلفية توقيته في أول بحثه . راجع كتابه مواقيت الصلاة في المملكة المتحدة / إعداد محمد صادق محمد الكرباسي .

مع أنه يقول في النقطة ( الحادية عشرة 11) : (( مما لا شك فيه أن الفجر الحقيقي يتحقق في جميع المناطق الواقعة دون خط العرض 48 عندما تواجه أعلى نقطة من كرة الشمس لأفق البلد على شكل مستقيم وذلك حينما يكون مقياس زاويته 18 درجة ، فابنكسار ضوء الشمس يظهر الفجر الصادق ))  المصدر السابق ص9 .

فإذا كان كذلك فما وراء مكة من قرية ، فلماذا هذه الدقائق الإضافية ؟

ويرد على ما أورد كذلك إن الفجر الفلكي يحدث عندما يكون مركز قرص الشمس بزاوية 18 لا الطرف الأعلى لقرص الشمس كما عبّر ، فلاحظ .

لكن ربما يمكننا الإطمئنان بما وجدته في بحثٍ فيه تتبع عملي، لعلّه يلمّ أطراف الموضوع، كانت مجلة الأزهر قد نشرته :

(( وكانت الرصدة الفاصلة هناك في الحجاز في المملكة العربية السعودية في شتاء 1974 حيث كان مدى الرؤية ممتازا لدرجة يمكن معها رؤية أول الفجر حيث طلع كالعمود في مكان طلوع الشمس وبلغ ارتفاعه  15درجة تقريبا فوق الأفق ، وبعد خمس دقائق أخذ يعترض وينتشر في الأفق الرقي كله آخذا في نفس الوقت في الارتفاع ثم التلون بالحمرة ، وكان انخفاض الشمس عند لحظة بدء الفجر تحت الأفق 30 .16  .)) . من بحث نشرته مجلة الأزهر لتصحيح وقت أذان الفجر / فبراير 1997 م – شوال 1417 ه / السنة التاسعة والستون / الجزء العاشر / للأستاذ الشيخ عبد الملك علي الكليب / أقره فضيلة الشيخ د/  ياسر برهامي .

وبما أن صفة الفجر الصادق هو الإعتراض والإنتشار ، لذا نرى أن هذه الدقائق الخمسة ليست من الفجر بشئ بل يبدأ الفجر بعدها ؛ وبما أنها تقابل درجة واحدة تقريباً في الحساب الزاوي ، لذا نرتأي أن يكون انخفاض الشمس عند لحظة بدء الفجر تحت الأفق 30 . 15 درجة .

وننبه أخيراً من أن هذا الأمر ربما يختلف عملياً بارتفاع الشخص عن سطح البحر ، وبالطقس وبعوامل أخر ، ككمية الأتربة في الجو ، وبنسبة الرطوبة أو الأبخرة الموجودة ، وبمعنى جامع كل ما يؤثر على تشتت الأشعة في الغلاف الجوي .

فعليه عملاً ومن باب الإحتياط المبرء للذمة جزماً يكون الإمساك للذي يريد الصوم ومركز الشمس عن الأفق بدرجة 18 ، حتى يعلم علم اليقين بأنه قد أمسك والصبح لم يدخل بعد ، وأما الصلاة فلابد أن تكون عندما يتحقق الفجر يقيناً ، أي في ( 15.30 درجة ) ، مع أنهما أمران وقتهما واحد ، والفاصل الزمني يقدّر ب( 12.30 دقيقة من الزمن ) .

وأخيراً نقول على المؤذن أن يرفع الأذان عند وقت الصلاة ، أي الوقت الثاني ، عندما تكون زاوية الشمس عن الأفق ( 15.30 درجة ) ، لا عند الوقت الأول فيقع الناس بالغرر أو الإرباك ، وعلى المؤمنين ممن يخالجهم الشك بدخول الوقت أن يؤخروا صلاتهم دقائق معدودة حتى يعلموا علم اليقين من أن الوقت قد دخل  .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .