في العام الماضي في مثل هذه الأيام العزيزة على قلوبنا جميعا، نشرت نشرة الشعائر الموقرة والمشكورة، لكاتب هذه السطور، مجموعة تساؤلات تتعلق بوسائل وأشكال الإحياء لذكرى محرم الحرام، وكان المقصود منها لفت الانتباه إلى بعض –أو قسم- من الممارسات التي لا تبدو منطقية –من وجهة نظر الكاتب وآخرين على الأقل- وتحتاج إلى تحسين أو إصلاح. وقد تلا نشر هذه الأسئلة نص مكتوب لبعض الإخوة يرد عليها، وقد أعدّ الكاتب فيما بعد تعقيبا موضوعيا هادئا على ذلك النص، ولكنه -مع ذلك- رأى إرجاء نشره لاعتبارات أخوية وإعلامية.
من هذه المقدمة ذات العلاقة بالتساؤلات وبالتعقيب المذكور والمتعلقة بالعنوان وهو موضوع العاطفة، يشدد الكاتب هنا –وبإيجاز- على بيان نقطة هي في غاية الأهمية. وهي أننا في موضوع إحياء الذكرى ووسائله وأشكاله وممارساته ينبغي أن نميز بين نوعين من العاطفة: عاطفة حبنا وولائنا للإمام الحسين (ع) ونهضته العظيمة وذريته الطاهرة ومبادئه وقيمه الأخلاقية النبيلة، وهي عاطفة إيجابية وواجبة، وهي تاج على رؤوسنا وفخر لنا جميعا، وواجبنا أن نقويها ونعززها في أنفسنا ونؤسسها وننميها في أجيالنا الجديدة، ونعممها في مجتمعنا، وفي عالمنا، وبأفضل الطرق والأساليب، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. وعاطفة أخرى تحمل نفس العنوان، ولكنها تجحف العقل حقه، ولا تعطي المنطق والتفكير السليم والحاجة إلى إصلاح مواضع الخلل الموجودة أو المتوقعة أو المحتملة في ممارسات الإحياء اهتماما لائقا، وربما وقعت في ترجيح الشكل على المضمون. وهذه عاطفة غير منطقية، وغير معقلنة، ويصدق عليها أنها غير إيجابية إلى حد كبير، لأنها تستصحب ما كان على ما كان وإن كان خللا أو ينطوي على خلل، وتتعامى عن الخلل وترفض أي توجه إلى تصحيحه أو تحسينه، بل قد تأخذها العزة بالخلل، فتريده أن يستمر على ما هو عليه.
اكثر قراءة