akdak

المقالات

القسم الولائي

الامامة قطب الدين

307

الشيخ ستار المرشدي

الإمامة هي ميزان أعمال العباد، وهي رياسة عامة في الدين والدنيا لشخص من الأشخاص، وقد روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام) انه قال: (إنما الأئمة قوام الله على خلقه، وعرفاؤه على عباده، ولا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه) النهج خطبة 152.
وحول موضوع الإمامة ترد أسئلة عدة منها: ما الإمامة؟ وهل هي واجبة؟ ومَن الذي يُعيّن الإمام؟ هل للأمة دخل في اختيار الإمام؟ وهل للعصمة اثر في الإمامة؟ وما الصفات التي تميز الإمام عن غيره؟ وهل يكفي وصف الإمام أم لابد من النص عليه؟ وما وظائف الإمام؟

وللإجابة عن هذه الأسئلة وأمثالها، ارتأينا أن نستعين بالأدلة النقلية مع لفت النظر الى بعض الادلة العقلية المبثوثة في كتب العقائد.
لا إجماع في اختيار الإمام:
(إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعلمهم بأمر الله فيه، فان شغب شاغب استعتب، فان أبى قوتل، ولعمري لان كانت الإمامة لا تنعقد حتى يحضرها عامة الناس، فما إلى ذلك من سبيل ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها، ثم ليس للشاهد أن يرجع و لا للغائب أن يختار) النهج خطبة 173.

وجوب العصمة:
العصمة شرط في الإمام كالنبي(صلى الله عليه وآله) وهي من الأمور الباطنة التي لا يطلع عليها إلا العالم بما في الصدور، ولمّا وعد تعالى بإكمال دينه وإتمام نعمته على الناس، فمن البديهي أن يكون نصب الإمام من أعظم أركان الدين واهم مصالح المسلمين، والله تعالى عاقب الناس حين قالوا: لماذا لم يرسل الله غير هذا الرسول؟ إذ قال تعالى: (لولا نُزِّل هذا القران على رجل من القريتين عظيم) (الزخرف31) فقال: (أهم يقسمون رحمة ربك، نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) (الزخرف 32) ثم انه سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بإطاعة كل ذي علم وحكم وعدم طاعة الفسّاق والظلمة ومن ينقلب على عقبيه، وهذا يستدعي كون الإمام معصوما، لذا أمر تعالى بطاعة الرسول وأولي الأمر بقوله: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء59.

دواعي وجوب عصمة الإمام:
1.
لا ننصب الامام لدفع الخطأ عن الناس فلو جاز عليه الخطأ لافتقر الامام الى امام اخر وهكذا وهذا باطل وهو ما يسمى بالتسلسل اللانهائي.
2.
والامام هو الحافظ للشرع فلا بد ان يكون معصوما فليس الحافظ هو القران والسنة لوقوع النزاع فيهما .ولا الاجماع لجواز الخطأ عليهم إذا خلوا من الإمام فلم يبقَ الا الامام المعصوم.
3.
ولو صدر عن الامام الذنب فإما ان يتبعوه وهو باطل قطعا وأما ألا يتبع فلا يكون قوله مقبولا فلا فائدة في الامام.

النصّ على الإمام:
الامام يجب ان يكون معصوما ولهذا يجب أن يكون منصوصا عليه لان العصمة امر خفي لا يطلع عليها احدٌ الاّ الله جل وعلا فلا طريق إلى اليقين الا النص وان مرتبة الامامة كالنبوة، فهي تعيين الهي، فالعقول قاصرة والافهام حاسرة عن معرفة من يصلح لهذا الامر العظيم، فلا يبقى سبيل إلا ان يختار الامام المطلع على السرائر والمحيط بكل شيء من البواطن والظواهر.
روى البزنطي عن الامام الرضا(عليه السلام) قال قلت له: الامام اذا اوصى الى الذي يكون من بعده بشي ففوض اليه فيجعل حيث يشاء او كيف هو؟ قال (عليه السلام): (انما يوصي بأمر الله عز وجل) فقال : انه حكي عن جدك (ع) قال: (اترون ان هذا الامر الينا نجعله حيث نشاء؟ لا والله ما هو الا عهد من رسول الله (ص) رجل فرجل مسمى) فقال (عليه السلام): (فالذي قلت لك من هذا) قرب الاسناد 352.

تحديد الإمامة بهم(عليهم السلام)
(
أين الذين زعموا انهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا أنْ رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطي الهدى، ويتجلى العمى، أن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم).

المخالفون يقرون بضرورة الإمامة
اعترف الناس كلهم حتى المخالفون بان عادة الله جرت من آدم الى الخاتم انه لم يقبض نبيا حتى عيّن له خلفا ووصيا وجرت عادة نبينا(صلى الله عليه وآله) انه حتى اذا سافر عيّن خليفة في المدينة وعلى هذا جرت طريقة الرؤساء والولاة.
وقد روي عن عائشة انها قالت لابن عمر: (يا بني، ابلغ عمر سلامي وقل له، لا تدع امة محمد بلا راع، استخلف عليهم لا تدعهم بعدك هملا، فاني اخشى عليهم الفتنة، فترك الناس مهملين فيه خشية الفتنة عليهم) (الامامة والسياسة :ج1 ص184).
وظائف الامام:
روي عن امير المؤمنين(عليه السلام) أنه حدد وظائف الامام قائلا: وليس على الامام الا ما حمل من امر ربه: (الابلاغ في الموعظة) و(الاجتهاد في النصيحة) و(الاحياء للسنة) و(اقامة الحدود على مستحقيها) و(اصدار السهمان على اهلها) (نهج البلاغة 1: 203).

حق الامام وحق الرعية:
روي عن امير المؤمنين(عليه السلام) انه قال: (ايها الناس، ان لي عليكم حقا، ولكم علي حق، فأما حقكم: (فالنصيحة لكم) و(توفير فيئكم عليكم) و(تعليمكم كي لا تجهلوا) و(تأديبكم كي تعلموا).
واما حقي عليكم: (فالوفاء بالبيعة) (والنصيحة في المشهد والمغيب) (والاجابة حتى ادعوكم) و(الطاعة حتى آمركم).

خاتمة:
نختم هذه العجالة بذكر أمرين:
الامر الاول: ادعى بعضهم وجود مفسدة بإقرار الامامة, وفي نصب الامام اثارة الفتن وقيام الحروب، وللرد على هذه الدعوى نقول:
أولا: لم لا نقول وكما هو الحق: لولا الامامة لظهر من الفتن ما هو اشد من ذلك,
ثانيا: المدعي لو سلم به لاقتضى قبح الامامة مطلقا وذلك باطل اتفاقا.
الامر الثاني: في ذكر صفات ائمة الضلال: فقد روي عن امير المؤمنين(عليه السلام) انه قال: (ولقد علمتم انه لا ينبغي ان يكون الوالي على الفروج والدماء والمغانم والأحكام وامامة المسلمين: (البخيل فتكون في اموالهم نهمته) ولا(الجاهل فيضلهم بجهله) و(لا الجافي فيقطعهم بجفائه)، ولا( الخائن للدول فيتخذ قوما دون قوم)، ولا(المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق ويطف بها دون المقاطع ولا(المعطل للسنة فيهلك الامة).

نشرت في الولاية العدد 78