akdak

المقالات

قسم الاخلاق

محاضرات في علم الأخلاق

359

السيّد عادل العلوي

 

 الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد وآله الطاهرين .

أمّا بعد :

فمن الواضح لدى الجميع أنّ علم الأخلاق في المجتمعات البشرية يعدّ من أهمّ العلوم والفنون ، وقد بالغ الإسلام في الاهتمام به ، حتّى عدّه من أهمّ العلوم الإسلامية ، ومن العلوم الثلاثة الاُولى ، أي علم الكلام وعلم الفقه وعلم الأخلاق ، انطلاقآ من الحديث النبوي الشريف : «إنّما العلم ثلاثة : آيةٌ محكمة ـإشارة إلى  

علم الكلام ـ وسنّةٌ قائمة ـإشارة إلى علم الأخلاق ـ وفريضةٌ عادلة ـإشارة إلى علم الفقه ـ فتدبّر.

وقد تصدّى العلماء ـاُسوة بالأنبياء والأوصياء  :ـ على مرّ العصور والأحقاب ، وبلغات مختلفة في آلاف من المصنّفات والمؤلّفات ببيان علم الأخلاق وضرورة مباحثه القيّمة وتطبيقه في المجتمع الإنساني .

واقتداءً بنهجهم القويم أردنا أن نضع رسالة مختصرة في علم الأخلاق لتكون موادّ درسيّة لطلبة  العلوم الدينية ـغير الإيرانيين ـ في حوزة قم العلمية ، ومن الله الهادي التوفيق والتسديد.

والمقصود أوّلا: هو (التخلية من الرذائل وترک المحرّمات ، والتحلية بالفضائل وإتيان الواجبات ، مع رعاية الآداب الإسلامية الفردية والاجتماعية )، هذا باعتبار أجواء الطلبة غير الإيرانيين .

وثانيآ: إعطاء العناوين الاُولى بيد أساتذة هذا الفنّ القيّم ، ابتداءً من الفصل الأوّل   (وفي 17 ساعة )،                

والبحث فيه يكون حول (كلّيات علم الأخلاق ).

ثمّ في الفصول الاُخرى يبحث عن أهمّ المواضيع الأخلاقية ، وذلک باعتبار علاقة الإنسان وارتباطه ، وأنّه على أنحاء أربعة : 1 ـ مع النفس ، 2 ـ مع الله، 3 ـ مع الغير، 4 ـ مع الطبيعة ، وإنّما نهجنا هذا المنهج دون غيره لجامعيّته وباعتبار الفطرة والعقل .

 والفصول السبعة كما يلي  :

الفصل الثاني : معرفة النفس .

الفصل الثالث : إصلاح النفس بمعرفة الموانع ومعرفة العوامل .

الفصل الرابع : مع الله سبحانه وتعالى .

 الفصل الخامس : الإمام

المعصوم  7 ومن ينوب منابه والوالدان والأرحام .

الفصل السادس : الزوجة والأولاد.

الفصل السابع : المجتمع العامّ والخاصّ .

الفصل الثامن : العالم العِلوي والجمادات والنباتات والحيوانات .

 وأمّا الفصل الأوّل : كلّيات علم الأخلاق ، وهي كما يلي  :

1 ـ تعريف علم الأخلاق لغةً واصطلاحآ، وتعريف علمه ، وبيان سمته ـأي وجه التسمية ـ وفرقه مع الآداب الإسلامية والعلوم الاُخرى .

2 ـ موضوع علم الأخلاق .

3 ـ الغرض من علم الأخلاق .

4 ـ بيان منافع   وفوائد علم    

الأخلاق .

5 ـ واضع علم الأخلاق حقيقةً  وتدوينآ وسير تأريخه على مرّالعصور.

6 ـ من أيّ علم وفي أيّ مرتبة .

7 ـ تقسيم وتحليل علم الأخلاق .

8 ـ بيان المبادئ التصوّرية والتصديقية في علم الأخلاق ، أي بيان المباني والأدلّة ، بمعنى بيان التصوّر الصحيح من المفاهيم الأخلاقية كالزهد والتواضع ، وبيان الأدلّة من القرآن الكريم والسنّة الشريفة والعقل والفطرة .

9 ـ معرفة الاُسوة الصالحة والنماذج الأخلاقية وتأثيرها في الفرد والمجتمع كالأنبياء والأولياء والعلماء الصالحين .

10 ـ فلسفة الأعمال والأفعال وتأثيرها على الأخلاق .

 بيان ذلک إجمالا :

ولكي يقف الاُستاذ الكريم على بعض النماذج من شرح وبيان هذه النقاط العشرة ، فإنّا نضرب له مثالا، وعليه التفصيل وتقسيم المباحث في 17 ساعة بذوقه وإبداعه وحسب الظروف .

تعريف علم الأخلاق  :

الأخلاق لغةً : جمع الخلق ـبضم الخاء المعجمة ـ وهي تعني الصفة الباطنية ـوبفتحهاـ تعني الصفة الظاهرية ، ثمّ الخلق بالضمّ هي ملكة راسخة تصدر الفعل منه بسهولة من دون رويّة وتأمّل .

وتعريف علم الأخلاق ـكما عند العلّامة الطباطبائي في تفسيره القيّم (الميزان )، هو :فنّ باحث عن الملكات النفسانية وأسبابها وآثارها وعلاجها وتمييز الفضائل منها من الرذائل .

ثمّ يتعرّض الاُستاذ إلى بيان  تعاريف اُخرى في الباب من أجل التوسّع في المطالب وتكميل المباحث ، والوصول إلى تعريف كامل جامع للأفراد ومانع من الأغيار.

ثمّ يبيّن الفرق بين الأخلاق والآداب ، وأنّ الأدب يعني ظرافة العمل وهيئة الفعل الحسن وأنّه من منشآت علم الأخلاق  ، وفرقه مع    علم الفقه والنفس والاجتماع والعرفان والتربية وغيرها.

وأمّا موضوع علم الأخلاق  :

فهو الملكات النفسانية من حيث الاكتساب والاجتناب ـأي الفضائل والرذائل ـ أو قل : نفس الإنسان باعتبار الملكات الراسخة .

 وأمّا الغرض  :

فهو تربية الإنسان تربية صحيحة ووصوله إلى قمّة الكمال كالخلافة الإلهية (إنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً )  ، هذا في الفكر الإسلامي .

وأمّا المنافع والفوائد المترتّبة على علم الأخلاق  :

فمن أهمّها :

1 ـ فعليّة القوى الإنسانية والاستعدادات المكنونة في النفس .

2 ـ تعديل قوى النفس وتهذيبها.

3 ـ صمّام وضمان لإجراء القوانين الفردية والاجتماعية .

4 ـ حافظ الإيمان .

5 ـ يوجب إصلاح الأعمال والأفعال .

6 ـ تعدّ الملكات موادّ الصور البرزخية ـكما عند صدر المتألهين ـ.

وأمّا واضع علم الأخلاق  :

فحقيقةً الواضع هو الله سبحانه بواسطة الأنبياء والرسل  

وأوصيائهم والكتب السماوية المهيمنة لا سيّما القرآن الكريم . وأمّا تدوينآ فينسب ذلک إلى حكماء اليونان لا سيّما أرسطوطاليس المعلّم الأوّل ـباصطلاح الفلاسفة ـ.

ثمّ يذكر الاُستاذ تفصيل ذلک وبيان السير التأريخي لعلم الأخلاق ويشير إلى بعض المصنّفات والمؤلّفات الأوّلية في هذا العلم الشريف وبعض المؤلّفات المعاصرة .

وأمّا مرتبة علم الأخلاق  :

فإنّه بعد علم الكلام ـعلم العقائدـ وقبل علم الفقه ، ويسمّى بالفقه الأكبر، وعلم الفقه بالفقه الأصغر، وقيل : علم الأخلاق في عرض علم الفقه ، فهو عدله ، كالقرآن الكريم والعترة الطاهرة ، فإنّهما الثقلان إلّا أنّ أحدهما أكبر من الآخر، وكلّ واحد عدل الآخر.

 وأمّا تقسيم علم الأخلاق  :

فالمصطلح منه باعتبار كتاب أخلاقي يذكر المقدّمة والفصول والأبواب والخاتمة ، إلّا أنّه يمكن تقسيم علم الأخلاق فعلا إلى أقسام عديدة من جهات مختلفة ، مثلا تقسيمه إلى الأخلاق الإلهية التي تبتني على الدين والشريعة المقدّسة ، والأخلاق الطبيعية التي تبتني على الوجدان والرأي العامّ ، أو تقسيمه إلى الأخلاق العملي باعتبار ما ينبغي أن يعمل ، والأخلاق النظري باعتبار ما ينبغي أن يعلم ، أو تقسيمه إلى الأخلاق بالمعنى الأعمّ فيشمل الآداب كما في كثير من الروايات الشريفة والأخلاق بالمعنى الأخصّ ، وما اخترناه إنّما هو تقسيم باعتبار الارتباطات .

وأمّا في الاُسوة  :

فيبحث عن علم الأخلاق الإسلامي ، وأنّه عملي وتطبيقي ويتجسّد في المجتمع ، وذكر الشواهد والمصاديق على ذلک وتأثير القدوة الصالحة والاُسوة الحسنة وشرائطها.

وأمّا النقطة العاشرة  :

فإنّ الأخلاق يُصلح العمل ، كما أنّ العمل يؤثّر في الملكات النفسانية ، وأنّ العمل نفس الجزاء، كقوله  9 : «الغيبة أدام كلاب أهل النار»، وكما يبحث في علم الأخلاق وكتبه عن الأعمال والأفعال .

هذا غيض من فيض ما يبحث في كليات علم الأخلاق .

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .