akdak

المقالات

قسم الاخلاق

دروس في الأخلاق

332

عبدالله مصطفی دیم

القسم الأوّل

اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.

اعلم أنّ دعوة التوحيد وأنّ الله سبحانه واحد أحد هي دعوة الأنبياء، من آدم إلى خاتمهم محمّد  9، فبكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة يدعون .

وكذا الأولياء والأوصياء، الكلّ في سلوک وسعي لإيصال كلمة التوحيد، ابتداءً من الاُسرة  :(قُوا أنفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَارآ) .

ثمّ المجتمع الكبير.

ثمّ دعوة التوحيد تارةً قوليّة ، قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا. والقول هنا بمعنى ما وراءه عقيدة واعتقاد.

واُخرى عملية  :(وَمَنْ أحْسَنُ مِنْ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ) .

فالعبادة لله إنّما هي من التوحيد العملي ، كما أنّه من التوحيد أن يتخلّق الإنسان بأخلاق ربّه أي تتجلّى فيه الصفات الإلهيّة .

قال الإمام الصادق  7: تخلّقوا بأخلاق الله. ومن ثَمّ يشعر المرء نفسه دائمآ في حضرة الله فلا يعصيه ، لأنّ من يرى جمال الله يحبّه ، فيظهر التوحيد على حركاته وسكناته وآدابه وسلوكه وفي كلّ أبعاد حياته .

 التكامل  :

المقصود من خلق الإنسان هو تكامله ، تكامل الإنسان إنّما هو بالأخلاق ، والعلم والأدب ، وبالعمل الصالح ، إنّه لهدف مشروع وبه ركّزت الدعوة النبويّة تذكير الناس بربّهم ، وإرشادهم إليه وتعليمهم كيف يتقرّبون إليه زلفى ، وينبغي ألّا نشکّ أنّ سعادة الإنسان إنّما هي بالتقرّب إلى الله والتخلّق بأخلاقه .دائمآ ينبغي أن يكون الطالب في سعي وإخلاص لأنّه حامل أمانة إلهية وإنّه خليفة الرسل ، وهذا من الصعب المستصعب .

أقول لكم هذه القصّة عن بعض المجتهدين في العصر المتأخّر، كان في حالة الاحتضار، واشتدّ عليه الأمر، دخل عليه زميله في الدراسة ، فأخذ الأخير يلقّنه التوحيد، قل لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّدآ رسول الله، وأنّ عليّآ وليّ الله. فلم يقل ، ثمّ قال : عليَّ بالقرآن وقال : يا هذا، تتذكّر عندما كنّا نقرأ أيّنا أسرع فهمآ وذكاءً؟ وجعل يذكر له أدوار الدراسة آنذاک .

ثمّ قال : كيف أنت وصلت إلى المرجعيّة وأنا لم أصل ، إنّ الله ظلمني . ثمّ أهان القرآن ومات كافرآ، إنّه وإن كان من المجتهدين ولكن لمّا لم يهذّب نفسه ولم يتخلّق بأخلاق الله فإنّه كانت عاقبته على سوء، ومات كافرآ.

إنّ على المرء أن يحاسب نفسه وأن يكون مخلصآ لله دينه ، ومحسنآ مسلكه في جميع اُموره ، لأنّ نفس الإنسان عجيبة تحتاج إلى التربية والمراقبة ، لأنّ القوى تدور بين الإفراط والتفريط ، القوى العقلية والغضبية والشهويّة والوهميّة ، فلا بدّ أن يربّيها في حدّ الوسط .

 الظلام والنور :

أمران متنازعان منذ بدء الخلق وإلى الأبد، وهكذا في الإنسان ، فإنّ له النفس الأمّارة بالسوء وإنّها من الظلمة ، كما له العقل وإنّه نور وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة ، وأمّا الباطنة فالعقل .

إنّ العقل أوّل هادٍ، وبه يدرک الإنسان سبيل سعادته .

خلق الإنسان للكمال ، وذلک بالرحمة والعلم والعبادة ، كمال الإنسان أن يكون خليفة الله في الأسماء والصفات .

هدف البعثة التزكية والتعليم ، في الحديث القدسي : خلقتک من أجلي ، وخلقت الأشياء من أجلک .

الإنسان هو المقصود لخلق الله وإنّ له العقل والقلب : والعقل تربيته وتعليمه بالفكر والدرس ، وأمّا القلب تربيته وتعليمه بالذكر والدعاء والمناجاة.

سئل نبيّ الله عيسى  7 عن العلم فقال : ليس العلم في السماء فينزل إليكم ، ولا في الأرض فيخرج إليكم ، إنّما العلم في قلوبكم ، تخلّقوا بأخلاق الروحانيين ـالله، الملائكة ، القرآن ، الأنبياء، الأوصياء، العلماء، الصلحاءـ يظهر لكم ... الحديث .

ثمّ من أخلص لله أربعين يومآ تفجّر ينابيع الحكمة من قلبه .

في الحديث القدسي  :«ليس العلم بكثرة التعلّم، إنّما العلم نورٌ يقذفه الله في قلب من يشاء».

الإنسان بين دعوتين : إلهيّة وشيطانيّة .

قلب الإنسان له اُذنان : رحماني يسمع بها الدعوة الإلهية ، ويسمّى بالإلهام ، وشيطاني يسمع بها الدعوة الشيطانية.

(فَألْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَـقْوَاهَا) .

لا تجلسوا عند كلّ عالم إلّا عالم يدعوكم من الخمس إلى الخمس  :

من الشکّ إلى اليقين ، ومن الكبر إلى التواضع ، ومن الرياء إلى الإخلاص ، ومن الرغبة إلى الزهد، ومن العداوة إلى النصيحة .

الحواريون قالوا لعيسى  :

يا روح الله، مَن نعاشر؟

قال  :

من يذكّركم الله رؤيته ، ويرغّبكم في الآخرة عمله ، ويزيدكم في علمكم منطقه .