المقالات
القسم الولائي
فقه التربة الحُسيّنيّة - القسم الرابع
فقه التربة الحُسيّنيّة - القسم الرابع
ما زال الحديث مستمرّاً في فقه التربة الحسينيّة، وذِكْر ما يختصّ بها من أحكام شرعيّة، سواء في جانبها الإيجابي الوجوب والاستحباب أو في جانبها السّلبي الحرمة والكراهة، وقد تقدّم جملة منها، ونستعرض في هذا القسم ما تبقّى منها في خمس مسائل، نتناول حكم السجود على التربة الحسينيّة في المسألة الأُولى، ثمَّ نُعرِّج إلى التحرُّز بالتربة الحسينيّة في المسألة الثانية، لنستعرض التسبيح بتربة الإمام الحسين في المسألة الثالثة، وفي المسألة الرابعة ندرس الإفطار يوم العيد على التربة الحسينيّة، وأمّا المسألة الخامسة فنتناول فيها تعلُّق الخمس بالتربة الحسينيّة.
المسألة الأُولى: السجود على التربة الحسينيّة
أخذت مفردة الأرض في القرآن الكريم والسنّة الشريفة مساحة واسعة؛ حيث ورد ذكرها ما يقرب 287 مرّة، ولأهميّتها خصّها الله بحكمين: فهي محل طَهُور الناس والمكلَّفين، وهي محل السجود.
فهي الصعيد الطيّب الذي جعله الله طهوراً للمؤمنين، قال تعالى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً}[1].
وهي المكان الذي يسجد عليه الإنسان، قال صلى الله عليه وآله وسلم : «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً»[2].
وقد منح الله تعالى بعض الأماكن كرامة خاصّة، وحباها ببعض الخصوصيّات، كما في تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ؛ حيث خصّها الباري تعالى باستحباب السجود عليها بين سائر التُّرَب، وقد حظي هذا الحكم بحضور واضح في كتب الفقه الفتوائيّة والاستدلاليّة.
والكلام في هذا الاستحباب يقع في مباحث:
المبحث الأوّل: السجود أحد أركان الصلاة
أجمع الإماميّة[3] وفقهاء المذاهب[4] على أنّ السجود فرض واجب في كُلّ صلاة، وأنّ مجموع السجدتين يُعدّ ركناً من أركان الصلاة، وتبطُل الصلاة بتركه عمداً وسهواً كما عند الإماميّة، وكذا لو تركه عمداً عند فقهاء المذاهب الأُخرى. وفي حال السهو أو الجهل فقد اتّفقوا على وجوب الإتيان به إن أمكن تداركه، وإن لم يمكن تداركه تفسد الصلاة كما عند الحنفيّة، وأمّا جمهورهم فقالوا: تُلغى الركعة التي منها الركن فقط، وذلك إذا كان الركن المتروك غير النية وتكبيرة الإحرام، وإلّا استأنف الصلاة.[5]
واستُدل على الركنيّة بنصّ الكتاب والسُّنة والإجماع[6].
واتّفقوا على أنّ الواجب هو السجود على الجبهة، واختلفوا في بقيّة الأعضاء السِّتة أو السَّبعة ـ على الخلاف الموجود بينهم ـ التي هي عبارة عن: اليدين والركبتين والقدمين، وطرف الأنف، حيث أوجبه بعض، وجعله بعض من كمال السجود[7].
المبحث الثاني: السجود على الأرض وما أنبتت شعار الإمامية
اتّفق الإمامية وفقهاء المذاهب على أنّ السجود على الأرض يتحقّق به الواجب والركن معاً، وتصحّ الصلاة به، وهو القدر المتيقّن لصحّة السجود، واختلفوا فيما عدا ذلك:
فقد أجمع الإماميّة [8] على أنّه لا يجوز السجود إلّا على الأرض وما أنبتت من غير المأكول والملبوس. وقد أصبح هذا شعاراً تُعرَف به الشيعة الإماميّة، وخلافه شعار يُعرَف به أهل السنّة،
فلا يصحّ عند الإماميّة السجود على ما ليس بأرض، أو نباتها من غير ما يُلبَس أو يُؤكَل، كالصدف والجلود وجميع المأكولات؛ وذلك لأنّ السجود عبادة شرعيّة، فتقف كيفيتها على نصّ من الشارع، وقد وقع الإجماع ـ من جميع الطوائف ـ على صحّة وجواز السجود على الأرض والنابت منها، فيُقتصر عليه.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إنها لا تتمّ صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى.... ثمَّ يسجد ممكِّناً جبهته من الأرض»[9].
وقال خبّاب: «شكونا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حرّ الرمضاء في جباهنا وأكفِّنا، فلم يُشكِّنا»[10].
وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ـ وقد سُئل عن الرجل يصلّي على البساط من الشعر والطنافس[11]، فأجاب ـ: «لا تسجد عليه، وإن قمت عليه وسجدت على الأرض فلا بأس، وإن بسطت عليه الحصير وسجدت على الحصير فلا بأس»[12].
وقال هشام بن الحكم للإمام الصادق عليه السلام : «أخبِرْني عمَّا يَجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز. قال عليه السلام : السّجود لا يجوز إلّا على الأَرض أو على مَا أَنْبَتَت الأرض»[13].
وأطبق جمهور فقهاء المذاهب[14] على جواز الصلاة على الجلود، والصوف، والشعر، وأشباهها؛ وذلك لما رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه صلّى في نُمرة، ولأنّه بساط طاهر يجوز له الصلاة فيه، فجازت الصلاة عليه كالقطن. وقال الشافعي: والنمرة تُعمل من الصوف[15].
ولا يخفى بأنَّ الرواية ممنوعة، أو محمولة على أنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يضع جبهته على ما يصح السجود عليه، لا على نفس النمرة[16].
هذا كلّه إذا اعتمدنا على تفسير الشافعي للنُّمرة، وإلّا فإنّ نمرة ناحية بعرفات، أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك خارجاً من المأزمين تريد الموقف[17]. بالإضافة إلى كثرة الروايات الناهية صراحة عن السجود على هذه الأشياء.
والدليل الأخير باطل أيضاً؛ لأنّه قياس، حيث قاس صحّة الصلاة عليه بصحّة الصلاة فيه، والقياس باطل عندنا وعند جماعة من الجمهور.
وقد صرّح جماعة منهم بأفضلية السجود على الأرض، رغم ذهابهم إلى جواز السجود على غيرها. [18]
المبحث الثالث: استحباب السجود على تربة الحسين عليه السلام وأقوال الفقهاء فيه
رغم حصر فقهاء الإماميّة جوازَ السجود على الأرض وما أنبتت فقط، إلّا أنّهم جوّزوا السجود على مطلق وجه الأرض، سواء الحجر والمدر والتراب والرمل وغيرها، ولم يقيّدوا الجواز بنوع خاص، ولكن مع هذا فضّلوا السجود على التراب وخصوصاً تربة الحسين بن عليّ عليه السلام ، حيث صرّحوا باستحباب السجود عليها، وهو المعروف بينهم.
واختصّ الشيعة الإمامية بالقول باستحباب السجود على تربة قبر الحسين بن عليّ عليه السلام ، تبعاً لأئمّتهم، بل اتّباعاً لمنهج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لأنّ منهج أهل البيت هو منهج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يخالفونه قيد شعرة أبداً في تكريمه للحسين عليه السلام سيِّد الشهداء، وتكريم تربة قبره.
والسجود على التربة بما فيها تربة الحسين عليه السلام ليس بدعةً في الدين، وليس هو خرقاً لإجماع المسلمين، بل هو الثابت بالأدلّة القرآنية والروائيّة.
وقد أضْفَتْ شهادة الحسين عليه السلام قداسة أُخرى على هذه التربة المباركة، ومنحها بشهادته مسحة قدسيّة إلهيّة، تمثّلت بمقارعة الطغاة وإرجاع الحقّ إلى أهله.
وعلى هذا؛ فلا معنى لما يرمي به الحمقى والمغفلون من جهّال المسلمين ـ وهم ثلّة ـ الشيعةَ بأنّهم يعبدون الحجر، أو يسجدون للحجر. بل إنّهم يعبدون الله تعالى وحده لا شريك له، وإنّما يسجدون لله وحده تعالى، على طبق الشرع وتعاليمه، لم يزيغوا عنها أنملة، ولم يكن في دعوتهم إلى فضل السجود على التربة الحسينيّة خروج على قوله: «جُعلت ليَ الأرض مسجداً وطهوراً»[19]، فالتربة الحسينيّة من الأرض، مع مزيد فضل، وإنّما ورد الندب والاستحباب في السجود عليها لما لها من فضيلة الانتساب، ممّا يزيد الأجر والثواب.
ولمّا كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفي الحديث: «أقرب ما يكون العبد إلى ربِّه حال سجوده»[20]، فإنّه من المناسب أن يتذكّر بوضع جبهته على تلك التربة الطاهرة أُولئك الذين جعلوا أجسامهم ضحايا للحقّ، وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة، ولعلّ هذا هو المقصود من أنّ السجود عليها يخرق الحجب السبع ـ الوارد في الخبر ـ فيكون حينئذٍ في السجود سرّ الصعود والعروج من التراب إلى ربِّ الأرباب[21]
كلمات الفقهاء في استحباب السجود على التربة الحسينيّة.
قد أكدّ فقهاء الإماميّة على استحباب السجود على تربة الإمام الحسين عليه السلام ، وذكروه في كتاب الصلاة في باب السجود منه، وإليك جملة من كلماتهم:
قال الديلمي: «وما يُسجد عليه ينقسم أربعة أقسام: إلى ما تجوز الصلاة عليه إباحة، وإلى ما تُكره الصلاة عليه، وإلى ما لا يجوز السجود عليه، وإلى ما يُستحب السجود عليه... الرابع: ما يستحب السجود عليه، وهو الألواح من التربة المقدَّسة، ومن خشب قبور الأئمّة»[22].
وقال ابن حمزة: «وما يُسجد عليه أربعة أقسام: إمّا يُستحب، أو يحرُم، أو يُكره، أو يكون السجود عليه مطلقاً. فالأوّل شيئان: الألواح من التربة، وخشب قبور الأئمة»[23].
وقال ابن أبي المجد الحلبي: «ولا ينبغي السجود على المعادن أو ما كان منها، ولا على ما قبلته النار كالكأس والخزف والجصّ وشبهه، وأفضله على التربة الحسينيّة»[24].
وقال في جامع الشرائع: «والسنّة السجود على الأرض؛ للخبر... ويُستحب السجود على التربة الحسينيّة»[25].
وقال الشهيد الأوّل: «البحث الثاني: في مستحباته [أي السجود] وهي: التكبير له قائماً... والسجود على الأرض، وأفضلها التربة الحسينيّة...»[26].
وقال الكركي: «ويُستحب السجود على الأرض، وأفضل منه على التربة الحسينيّة ولو شُويت بالنار»[27].
وقال الشهيد الثاني ـ وهو بصدد بيان سُنن السجود ـ: «والسجود على الأرض؛ لأنّه أبلغ في الخشوع وأقوى في الذلّ بين يدي الباري عزَّ اسمه... وخصوصاً التربة الحسينيّة المقدّسة على مشرِّفها السلام ولو لوحاً متَّخذاً منها...»[28].
وقال المحقق البحراني: «وأفضل أفراد الأرض في السجود التربة الحسينيّة على مشرِّفها أفضل الصلاة والسلام والتحيّة»[29].
وقال البهبهاني ـ وهو بصدد تعداد مستحبات السجود ـ: «ومن المستحب أن يتساوى مساجده جميعاً... وأن يختار الأرض على النبات؛ لأنّه أبلغ في الخضوع... ثمَّ التربة الحسينيّة؛ لأنه ينوّر إلى الأرضين السبع، ويخرق الحجب كما في النّصوص»[30]. وقريب منها عبارة الشيخ جعفر كاشف الغطاء[31].
وقال النجفي: «وأفضل الأرض تربة سيِّد الشهداء عليه السلام قطعاً وسيرةً؛ ولذا كان الصادق عليه السلام لا يسجد إلّا عليها؛ تذلّلاً لله واستكانة، كما عن إرشاد الديلمي»[32].
وقال السيِّد اليزدي: «السجود على الأرض أفضل من النبات والقرطاس، ولا يبعد كون التراب أفضل من الحجر، وأفضل من الجميع التربة الحسينيّة؛ فإنّها تخرق الحجب السبع، وتستنير إلى الأرضين السبع»[33].
المبحث الرابع: أدلّة استحباب السجود على تربة الإمام الحسين عليه السلام
يمكن حصر أدلّة القول باستحباب السجود على تربة سيِّد الشهداء عليه السلام بما يلي:
الدليل الأوّل: ما ورد في فضلها من روايات كثيرة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنقل أُمّهات المؤمنين ـ أُمّ سلمة وعائشة وغيرهما ـ وعلى لسان أهل بيته المعصومين عليهم السلام .
وقد نُقلت هذه الروايات في كتب ومجاميع السنّة قَبْل الشيعة[34]، فإنّ الله تعالى اهتمّ بهذه التربة أشدّ اهتمام، وأمر باحترامها أجلّ احترام، حيث أرسل رُسُلاً من الملائكة فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقبضة منها، فمن أجل ذلك نلاحظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحترمها ويأخذها، فاستفاض النقل بأنّ جبرئيل عليه السلام لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخبر قتل الحسين عليه السلام أتى بقبضة من تربة مصرعه عليه السلام ، وكذا تكرّر هذا الفعل من غير جبرائيل عليه السلام من الملائكة[35].
الدليل الثاني: إنّ اتّخاذ هذه التربة والمحافظة عليها والسجود عليها أوقات الصلاة أسلم من حيث النظافة والنزاهة من السجود على سائر الأراضي، وما يُطرح عليها من الفرش والبواري والحُصُر الملونة والمملوءة غالباً من الغبار والميكروبات الكامنة فيها.
فأيّ مانع من أن يحتاط المسلمُ في دينه، ويتّخذ معه تربةً طاهرة يطمئنّ بها وبطهارتها، يسجد عليها في صلاته؛ حذراً من السجدة على النجاسة والأوساخ التي لا يُتقرَّب بها إلى الله قط، ولا تجوّز السنّة السجود عليها؟!
إنّ وضع الجباه على تربة في طياتها دروس الدفاع عن دين الله ومظاهر قدسه، ومجلى المحاماة عن ناموس الإسلام المقدّس، أجدر بالتقرُّب إلى الله تعالى، وأقرب الزلفى لديه، وأنسب بالخضوع والخشوع والعبوديّة له تعالى.
أليس أليق بأسرار السجود على الأرض السّجود على تربة فيها سرّ المنعة والعظمة والكبرياء لله جلّ جلاله ورموز العبوديّة والتصاغر بأجلى مظاهرها وسماتها؟!
أليس أحقّ بالسجود على تربة مُزِج فيها التوحيد والتفاني دون الباري تعالى؟!
أليس الأمثل اتّخاذ المسجد من تربة تفجّرت عليها عيون دماء اصطبغت بصبغة حبّ الله، وصيغت على سنّة الله وولائه المحض الخالص[36]؟!
الدليل الثالث: الروايات الكثيرة الواردة عن طريق أهل البيت عليهم السلام .
فقد وردت عدّة روايات تؤكِّد استحباب السجود على التربة الحسينيّة:
منها: ما رواه الشيخ الطوسي في المصباح عن معاوية بن عمّار قال: «كان لأبي عبد الله عليه السلام رِيطة ديباج صَفرَاءُ فيها تربةُ أبي عبد الله عليه السلام فكان إذا حضرتْهُ الصَلاةُ صَبَّهُ عَلَى سجّادته وسجد عليه، ثُمَّ قال عليه السلام : السُّجُودُ عَلَى تُرْبَةِ أبي عبد الله عليه السلام يخرقُ الحُجُب السَّبْعَ»[37].
تفسير يَخْرِقُالْحُجُبَ السَّبْعَ
ويقول السيّد عبد الأعلى السبزواري قدس سره الشریف ـ في تعليقه على قوله عليه السلام : يخْرِقُالْحُجُبَ السَّبْعَ ـ: «ولا بُعد في ذلك؛ فإنّ هذه التربة المقدّسة رمز التفاني في إعلاء كلمة التوحيد وشعار العترة النبويّة في إبقاء الرسالة والنبوة، ووسام الأُسرة المحمدية، وإنّها روضة من رياض الجنّة، ومولد عيسى، ومختلف الملائكة، ومجمع أرواح الأنبياء في كلّ ليلة نصف من شعبان».
وقال قدس سره: «ثمَّ إنّ قوله عليه السلام : تخرق الحجب السبع، أي: يقبلها الله تعالى من دون أن يمنع عنه موانع القبول التي هي كثيرة...»[38].
ومنها: ما رواه الشيخ الصدوق في الفقيه عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «السّجود على طين قَبرِ الحسين عليه السلام ينور إلى الأرضين السّبعة. و مَن كانت معه سبحَةٌ مِنْ طين قَبرِ الحسَينِ عليه السلام كُتِبَ مُسَبِّحاً وإن لم يُسَبِّح بها»[39].
قال السيّد السبزواري تعليقاً على هذه الرواية: «قد تكرّر في الكتاب والسنّة استعمال سنخ هذا النور، قال تعالى {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ}. وقوله تعالى: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}. إلى غير ذلك ممّا هو كثير... وهذا النور أجلّ من أن يُدرك بالمشاعر الجسمانيّة التي انحصر شعورهم بدرك الأجسام الكثيفة، ونِعمَ ما قيل:
وكيف ترى ليلى بعين ترى بها * سواها وما طهَّرتها بالمدامع
كما أنّه أرفع من أن يُرجع في شرحه إلى الكتب اللغوية، أو جملة من أقوال المفسِّرين، بل يختصّ درك مثل هذا النور بالإمام المعصوم، والملأ الأعلى، أو مَن تخلّى عن الرذائل مطلقاً، وتحلّى بالفضائل بجمعها، وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى بعض مقاماتهم في خطبة همام»[40].
ومنها: ما عن الطبرسي في كتاب الاحتجاج، عن محمّد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف : إنّه كتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر هل فيه فضل؟ فأجاب عليه السلام : «يجوز ذلك، وفيه الفضل»[41].
ومنها: ما رواه الحسن بن محمّد الديلمي في كتاب الإرشاد، قال: «كان الصّادقُ عليه السلام لا يَسجُدُ إلّا على تُربَةِ الحسين عليه السلام ؛ تذلّلاً لله واسْتِكَانَةً إليه»[42].
الدليل الرابع: دعوى الإجماع على استحباب السجود على تربة أبي عبد الله الحسين عليه السلام ، بل ادّعى بعض أنّ الإجماع المنقول والمحصّل عليه[43].
المبحث الخامس: فروع المسألة
يتفرّع على أصل المسألة الفرع الآتي:
جواز السجود على التربة المطبوخة المشويّة
لا خلاف يُعرف بين فقهاءالإماميّة، بل بين المسلمين في جواز السجود على التربة الحسينيّة سواء شُويت بالنار أم لا.
أمّا فقهاء الإماميّة، فلم نقف ـ كما صرّح الشيخ الكركي ـ على المنع من السجود لأحد من الفقهاء المعتَبرين، إلّا سلّار في رسالته، حيث حكم بكراهة السجود على التربة المشويّة.
وأمّا فقهاء المذاهب، فإنّهم يجوّزون السجود على كُلّ شيء طاهر، وباقي الفقهاء أطلقوا القول بجواز السجود على الأرض وأجزائها، وبعضهم أطلق القول باستحباب السجود على التربة الحسينيّة.
فالمذهب هو القول بالجواز لا محالة، والقول بالمنع من التربة المشويّة خارج عن مقالة علماء أهل البيت عليهم السلام .
وأمّا القول بكراهة السجود على التربة المشويّة فهو قول ضعيف مرغوب عنه. ولا يخفى أنّ الذي اختار القول بالكراهة هو سلاّر والشهيد الثاني.
وقد توقّف الشيخ البحراني في الحكم؛ للشكّ في خروجها عن اسمها بعد طبخها، ثمّ اختار القول بالاحتياط.
واستُدلّ على القول بالكراهة بأمرين:
أـ إنّ التربة المطبوخة إن لم تكن مستحيلة إلى شيء آخر فهي شبيه بالمستحيل، فيُكره لذلك.
ب ـ إنّ كُلَّ شيء مسّته النّار يكره السجود عليه.
ولكن قوّة أدلّة القول الأوّل الآتية وكثرة مَن يذهب إليه تُضعِّف القول بالكراهة.
واستدلّ أصحاب القول الأوّل بعدّة أدلّة، نأتي بخلاصتها:
الأوّل: الأصل، فإنّ الأوامر الواردة بالسجود تقتضي جواز السجود على كُلّ شيء إلّا ما ورد المنع منه شرعاً، ولم يرد في الشريعة نصّ يقتضي المنع من السجود على التربة المشويّة، فنتمسّك بالأصل الذي يقتضى الجواز.
الثاني: استصحاب الحكم المنصوص؛ حيث إنّ النّصوص وردت بجواز السجود على التربة الحسينيّة قبل أن تُشوى بالنار، فيجب استصحاب هذا الحكم بعد أن تُشوى؛ لانتفاء الناقل شرعاً، فإنّ الاستصحاب حجّة ما لم يرد من الشرع ناقل.
الثالث: التمسّك بالإجماع من علمائنا، بل من جميع المسلمين على جواز السجود على التربة المتنازع فيها وهي التربة الحسينيّة المشويّة[44].
التحرّز بالتربة الحسينيّة
يُستحب للمسافر وغيره استصحاب شيء من تربة الحسين عليه السلام التي هي أمان من كُلّ خوف وشفاء من كُلّ داء، وخصوصاً إذا أخذ السبحة من تربته ودعا بدعاء المبيت على الفراش ثلاث مرات، ثمّ قبّلها ووضعها على عينه، وقال: «اللّهم، إنّي أسألك بحقّ هذه التربة، وبحقّ صاحبها، وبحقّ جدّه وأبيه، وأُمّه وأخيه، وبحقّ وُلْده الطاهرين، اجعلها شفاء من كُلّ داء، وأماناً من كُلّ خوف، وحفظاً من كُلّ سوء. ثمّ وضعها في جيبه. فإنّ مَن فعل ذلك في الغداة لا يزال في أمان الله حتى العشاء، وإن فعل ذلك في العشاء فلا يزال في أمان الله حتى الغداة، وإن خاف من سلطان أو غيره وخرج من منزله واستعمل ذلك كان حرزاً له»[45].
«ويُستحب جعل تربة الحسين عليه السلام في المتاع لحفظه، وإنّه أمان من كُلّ شر»[46].
ولا يستبعد الشاك هذه الآثار والأحكام لهذه التربة المباركة؛ وذلك لما حباها الله تعالى، وميّزها وشرّفها على غيرها، وجعل لها خواصاً اختصّت بها دون غيرها.
وممّا يدلّ على ذلك عدّة روايات:
منها: ما رواه السيد ابن طاووس في الأمان من أخطار الأسفار والأزمان وفي مصْباح الزَّائِرِ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام : أنّهُ قِيلَ لَهُ: «تُرْبَةُ قَبْرِ الحسين عليه السلام شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، فَهَلْ هِيَ أَمَانٌ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ؟ فَقَالَ عليه السلام : نَعَمْ إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ آمِناً مِنْ كُلِّ خَوْفٍ فَلْيَأْخُذِ السّبْحَةَ مِنْ تُرْبَتِهِ، وَيَدْعُو بِدُعَاءِ الْمَبِيتِ عَلَى الْفِرَاشِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ يُقَبِّلُهَا وَيَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ...»[47].
ومنها: ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن محمّد بن عيسى اليقطيني، قال: «بعث إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام رزم ثياب وغلماناً وحجّة ليّ وحجّة لأخي موسى بن عبيد وحجّة ليونس بن عبد الرحمن، فأمرنا أن نحجّ عنه، فكانت بيننا مائة دينار، أثلاثاً فيما بيننا، فلمّا أردت أن أُعبّي الثياب رأيت في أضعاف الثياب طيناً، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: ليس يوجّه بمتاع إلا جعل فيه طيناً من قبر الحسين عليه السلام . ثمَّ قال الرسول: قال أبو الحسن عليه السلام : هو أمان بإذن الله»[48].
ومنها: ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب عن محمّد بن أحمد بن داود، عن الحسن بن محمّد بن علان، عن حميد بن زياد، عن عبد الله بن نهيك، عن سعد بن صالح، عن الحسن بن عليّ، عن أبي المغيرة، عن بعض أصحابنا، قال: «قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إنّي رجل كثير العلل والأمراض وما تركت دواءً إلّا تداويت به. فقال لي: وأين أنت عن طين قبر الحسين عليه السلام ؟! فإنّ فيه الشفاء من كلِّ داء، والأمن من كلِّ خوف. قلت: قد عرفت الشفاء من كلّ داء، فكيف الأمان من كلِّ خوف؟ قال: إذا خفت سُلطاناً أو غير ذلك فلا تخرج من منزلك إلّا ومعك من طين قبر الحسين عليه السلام وقل إذا أخذته:اللّهم، إنّ هذه طينة قبر الحسين وليّك وابن وليِّك أخذتها حرزاً لما أخاف وما لا أخاف...
أخذتها كما قال ليّ؛ فأصح الله بدني وكان لي أماناً من كلِّ خوف ممّا خفت وما لم أخف، كما قاله. قال: فما رأيت بحمد الله بعدها مكروها»[49].
التسبيح بتربة الإمام الحسين عليه السلام
أولتْ الشريعة الإسلامية اهتماماً خاصّاً بالجانب المعنوي، سواء منه الجانب الأخلاقي أو القرب الإلهي، وتمثّل الجانب الثاني من خلال الحثّ على الالتزام بعدّة أشياء:
منها: قراءة القرآن.
ومنها: الأدعية بكافّة أنواعها الزمانيّة والمكانيّة.
ومنها: التسبيح والتنزيه وأيضاً الزمانيّة والمكانيّة، وخصّ بالزمانيّة تعقيبات الصلاة، فقد وردت عدّة روايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته تؤكِّد على أنواع من تعقيبات الصلاة، عسى أن ترفع من الجانب المعنوي والقرب الإلهي. وهي كثيرة جدّاً، ولكنّ أفضلها على الإطلاق هو المسمّى بتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام ، والذي اتّفق على نقله العامّة والخاصّة.
نعم، قد لا يصرِّحون بنسبته إلى الزهراء عليها السلام ، ولكن الروايات المنقولة عن أبي هريرة وغيره من الصحابة أرادته لا غير.
وصرّح علماء الإمامية بأنّه يُستحب أن يكون التسبيح المذكور بسبحة مصنوعة من تربة الإمام الحسين عليه السلام ؛ لتضاعف الثواب والأجر بذلك.
ونحاول استعراض المسألة من خلال عدّة أُمور:
الأمر الأول: استحباب التعقيب بتسبيحات فاطمة الزهراء عليها السلام
اتّفقت كلمة الفقهاء على استحباب التعقيب عقب كُلّ صلاة بهذه التسبيحات، والنصوص الواردة فيها مستفيضة في الجملة ومرويّة في كتب الطرفين، وأكّدت أكثر الروايات على أنّ عدد التسبيحات مائة تسبيحة.
فعن أبي ذرّ، قال: «قلت: يا رسول الله، تسبقنا أصحاب الأموال والدثور سبقاً بيّناً، يصلّون ويصومون كما نصلّي ونصوم، وعندهم أموال يتصدّقون بها وليست عندنا أموال. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ألا أُخبرك بعمل إن أخذت به أدركت مَن كان قبلك، وفُتّ مَن يكون بعدك، إلّا أحد أخذ بمثل عملك؟ تسبّح خلف كُلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، وتُكبّر أربعاً وثلاثين»[50].
وروى صالح بن عقبة، عن أبي جعفر محمّد الباقر عليه السلام أنّه، قال: «ما عُبِدَ الله بشـيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام ، ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة عليها السلام »[51].
تسبيحات الزهراء عليها السلام ثابتة في غير التعقيب
ولا بدّ أن يُعلم بأنّ جملة من الفقهاء صرّحوا بأنّ استحباب تسبيحات الزهراء عليها السلام لا يختصّ بتعقيبات الصلاة، بل هو مستحب أيضاً في غير التعقيب، فالاستحباب ثابت في نفسه من دون اعتبار وصف التعقيب ـ وإن زاد الأجر بذلك ـ لإطلاق جملة من الأدلّة بأنّه من الذكر الكثير، وأنّه «ما عُبد الله بشيء من التحميد أفضل منه»، ويظهر من روايات أُخرى الحثّ على تسبيحات الزهراء عليها السلام ، والترغيب فيها من دون ذكر التعقيب أو شيء آخر[52].
الأمر الثاني: ما كانت عليه السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام
من المسموعات الواردة عن أبي البركات المشهدي، أنّه روى إبراهيم بن محمّد الثقفي: «أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، فكانت عليها السلام تديرها بيدها، تكبّر وتسبّح إلى أن قُتِل حمزة بن عبد المطلب رض سيِّد الشهداء، فاستعملت تربته وعملت التسابيح، فاستعملها النّاس، فلمّا قُتل الحسين عليه السلام عُدِل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته؛ لما فيها من الفضل والمزيّة»[53].
الأمر الثالث: استحباب أن يكون التسبيح بتربة الحسين عليه السلام
ذكر فقهاء الإماميّة ـ من دون نقل خلاف بينهم ـ أنّه يُستحب أن تكون السبحة من طين قبر الحسين عليه السلام .
وقد أشار إلى هذا الاستحباب كُلّ مَن تعرّض إلى أصل القول باستحباب تسبيحة فاطمة الزهراء عليها السلام ، حيث عقّبوا ـ بعد قولهم باستحبابها ـ بأنّه يُستحب أن تكون هذه التسبيحات بسبحة مصنوعة من تراب قبر الإمام الحسين عليه السلام ، بل صرّح في المسالك أنّ الاستحباب هنا استحباب مؤكَّد[54].
وقد دلّ على الاستحباب روايا ت عديدة، كما سيأتي ذكرها.
الأمر الرابع: أدلّة الاستحباب
يدلّ على استحباب التسبيح بالتربة الحسينيّة عدّة روايات، نأتي عليها تباعاً:
1ـ ما رواه الطبرسي عن كتاب الحسن بن محبوب: أنّ أبا عبد الله عليه السلام سُئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين عليها السلام والتفاضل بينهما، فقال عليه السلام : «السُّبْحَةُ الَّتِي مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام تُسَبِّحُ بِيَدِ الرَّجُلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسَبِّحَ»[55].
2ـ ما رواه الطبرسي عن الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ أَدَارَ سُبْحَةً مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام مَرَّةً وَاحِدَةً بِالاسْتِغْفَارِ أَوْ غَيْرِهِ كَتَبَ الله لَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَإنَّ السُّجُودَ عَلَيْهَا يَخْرِقُ الْحُجُبَ السَّبْعَ»[56].
3ـ ما رواه الطوسي في المصباح عن عبيد الله بن عليّ الحلبي، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «لَا يَخْلُو الْمُؤْمِنُ مِنْ خَمْسَةٍ: سِوَاكٍ، وَمُشْطٍ، وَسَجَّادَةٍ، وَسُبْحَةٍ فِيهَا أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ حَبَّةً وَخَاتَمِ عَقِيق»[57].
4ـ ما رواه الطوسي في المصباح عن الصادق عليه السلام ، أنّه قال: «إنَّ مَنْ أَدَارَ الْحَجَرَ مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَاسْتَغْفَرَ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَتَبَ الله لَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَإِنْ مَسَكَ السُّبْحَةَ بِيَدِهِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بِهَا فَفِي كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهَا سَبْعَ مَرَّات»[58].
5ـ ما رواه الطبرسي في الاحتجاج عن محمّد بن جعفر الحميري، أنّه كتب إلى صاحب الزمان عليه السلام يسأله: «هل يجوزأن يسبِّح الرجل بطين القبر؟ وهل فيه فضل؟ فأجاب عليه السلام : يَجوزُ أَنْ يُسَبِّحَ بِهِ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ مِنَ السُّبَحِ أَفْضَلَ مِنْهُ، وَمِنْ فَضْلِهِ أَنَّ الْمُسَبِّحَ يَنْسَى التَّسْبِيحَ وَيُدِيرُ السُّبْحَةَ فَيُكْتَبُ لَهُ التَّسْبِيحُ»، وفي نسخة أُخرى: «يَجُوزُ ذَلِكَ وَفِيهِ الْفَضْلُ»[59].
6ـ ما رواه الطبرسي عن محمّد الثقفي، وقد تقدَّم في أول البحث[60].
7ـ ما روي عن جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، أنّه قال: «مَنْ سَبَّحَ بِسُبْحَةٍ مِنْ طِينِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام تَسْبِيحَةً كَتَبَ الله لَهُ أَرْبَعَمِائَةِ حَسَنَةٍ، وَمَحَا عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ سَيِّئَةٍ، وَقُضِيَتْ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ حَاجَةٍ، وَرُفِعَ لَهُ أَرْبَعُمِائَةِ دَرَجَةٍ»[61].
وفي هذه الروايات كفاية لإثبات الحكم بالاستحباب؛ ولذلك صرّح الشهيد الثاني بكون التسبيح بتربة الحسين يُستحب استحباباً مؤكَّداً[62]، وخصوصاً على القاعدة المعروفة بقاعدة: التسامح في أدلّة السُّنن.
الأمر الخامس: فروع المسألة
يتفرّع على القول باستحباب التسبيح بتربة الإمام الحسين عليه السلام عدّة فروع مهمّة لا بدّ من الإشارة إليها إجمالاً، وهي:
1ـ عدد التسبيحات وآداب التسبيحة
صرّح بعض الفقهاء[63] بأنّ أصحّ ما روي في عدد تسبيحات فاطمة الزهراء عليها السلام هي: أربعة وثلاثون تكبيرة بلفظ الله أكبر، وثلاثة وثلاثون تحميده بلفظ الحمد لله، وثلاث وثلاثون تسبيحة بلفظ سبحان الله. وهذا هو المشهور بين الفقهاء.
وينبغي في التسبيح التمهّل، والتوسّل، والوقف عند كُلّ ذكر منه، والمولاة، ولو طال الفصل بين التسبيحات بوقت طويل خرج عن هيئته، وفات بذلك ما استحبّ لأجله.
ويدلّ عليه ما رواه الكليني بسنده إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: في تسبيح فاطمة الزهراء: «تبدأ بالتكبير أربعاً وثلاثين، ثمَّ التحميد ثلاثاً وثلاثين، ثمَّ التسبيح ثلاثاً وثلاثين»[64].
2ـ عدد ما في السبحة من الخرز
صرّح الشهيد الأوّل بأنّ المستحبّ اتّخاذ سبحة من تربة الحسين عليه السلام بثلاث وثلاثين حبّة، والمذكور في بعض الروايات أربع وثلاثين حبّة، والمعمول به والمتعارف في عصرنا من نظم المئة بخيط واحد، وقد يُشعر هذا بأنّه خلاف الموجود في الروايات.
ولكنّ الأقوى ـ كما صرّح به الجواهري ـ أنّه لا بأس بالجميع، فيصحّ التسبيح بأيّ عدد من هذه الأعداد[65].
3ـ التسبيح بالطين المطبوخ المشوي
لا فرق عند جملة من الفقهاء في تحقّق الاستحباب والتسبيح بين الطين المشوي المطبوخ وغير المشوي، فالاستحباب يتحقّق بمطلق التسبيح، سواء كانت الحبّات المنظومة قد طُبخت بالنار أم لم تُطبخ، كُلّ ذلك لإطلاق الأخبار، وظهور بعضها في ذلك.
فعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنّه قال: «مَنْ أَدَارَ الْحَجَرَ مِنْ تُرْبَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَاسْتَغْفَرَ بِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَتَبَ الله لَهُ سَبْعِينَ مَرَّةً»[66]. ولا بدّ أن يُعلم بأنّ ذلك ليس استحالة حتى يخرج عن اسم الطين أو الحجر، مضافاً إلى استصحاب الجواز الثابت قبل الطبخ[67].
4ـ استحباب اتخاذ السبحة مطلقاً
لقد عمّم الفقهاء استحباب اتّخاذ السبحة لغير تسبيحة الزهراء عليها السلام ، فيُستحب اتّخاذ سبحة من تربة الحسين عليه السلام لمطلق التسبيحات، بل يُستحب اتّخاذ مسبحة لكلِّ شخص وإن لم يسبِّح بها، لما فيها من الثواب الجزيل، وذلك لما رواه الطوسي بسنده عن الإمام الكاظم عليه السلام ، قال: «قَالَ: لَا يَسْتَغْنِي شِيعَتُنَا عَنْ أَرْبَعٍ: خُمْرَةٍ يُصَلِّي عَلَيْهَا، وَخَاتَمٍ يَتَخَتَّمُ بِهِ، وَسِوَاكٍ يَسْتَاكُ بِهِ، وَسُبْحَةٍ مِنْ طِينِ قَبْرِ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام ، فِيهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ حَبَّةً، مَتَى قَلَّبَهَا ذَاكِراً لله كَتَبَ الله لَهُ بِكُلِّ حَبَّةٍ أَرْبَعُونَ حَسَنَةً، وَإِذَا قَلَّبَهَا سَاهِياً يَعْبَثُ بِهَا كَتَبَ الله لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً»[68].
5ـ الشكّ في التسبيحات
إنّ الثواب والآثار المترتّبة على تسبيحة السيِّدة فاطمة الزهراء عليها السلام بتربة سيِّد الشهداء إنّما تترتّب إذا كانت بالكيفيّة السابقة وهي: التكبير 34 مرّة، والتحميد 33 مرّة، والتسبيح 33 مرّة.
وأمّا لو شكّ في عدد التسبيحات زيادة أو نقيصة ففيه قولان:
الأوّل: إنّه لو شكّ في شيء من التسبيح تلافى المشكوك فيه خاصّة، فإذا شكّ هل أنّه أتى بـ 25 تسبيحة أو 24 تسبيحة فإنّه يبني على 24 ويأتي بواحدة.
وأمّا إذا شك في الزيادة فإنّه يمضي على شكّه ولا يراعي شيئاً.
الثاني: الحكم بالإعادة من جديد بحيث يستأنف التسبيح من بدايته، ولا يبني على ما أتى به بأيّ شكل[69].
6ـ مقدار الثواب المترتِّب على التسبيحات
يتعدّد الثواب على لسان الروايات بعدّة أنواع، نأتي على ذكر فهرساً لها:
أ ـ إنّ حمل السبحة المباركة سبب لكونها تسبِّح عن صاحبها ولو لم يسبِّح، وفي رواية أُخرى: إنّ الاستغفار يُضاعَف سبع مرّات.
ب ـ إنّ مَن أدار السبحة مرّة واحدة بالاستغفار أو غيره ضاعف الله له هذا التسبيح سبعين مرّة.
ج ـ إنّ مَن سبَّح بتربة الحسين عليه السلام كتب الله تعالى له أربعمائة حسنة، ومحا عنه أربعمائة سيئة، وقُضيت له أربعمائة حاجة، ورُفِع له أربعمائة درجة.
الإفطار يوم العيد على التربة الحُسينيّة
أجمعت الإماميّة على حرمة أكل الطين؛ لما فيه من الإضرار بالبدن، وللإجماع، وللنّصوص المستفيضة الواردة عن أهل البيت عليه السلام التي تنهى بأشدّ العبارات عن أكله[70].
منها: ما روي عن الواسطي عن أبي عبد الله عليه السلام : «الطين حرام كلّه كلحم الخنزير، ومن مات فيه لم أصلِّ عليه إلّا طين القبر، فإنّ فيه شفاء من كُلّ داء، ومَن أكله بشهوة لم يكن له فيه شفاء»[71].
وقد استثنى فقهاء الإماميّة من هذه الحرمة طين تربة الإمام الحسين عليه السلام ؛ للاستشفاء بقدر حمصة، وهذا لا إشكال فيه عندهم؛ للأخبار الكثيرة الدالّة عليه.
ومن الأُمور التي استثناها بعض الفقهاء هو الإفطار يوم العيدين على شيء من التربة الحسينيّة، حيث ذكروا بأنّه يجوز للمكلَّف الصائم قبل الذهاب إلى صلاة العيد أن يتناول شيئاً من التمر أو شيئاً حلواً كالسكّر[72]، وأضاف إليه الإفطار على التربة المباركة.
وأيضاً يجوز الإفطار يوم العاشر من المحرّم بعد صومه إلى وقت محدَّد على تلك التربة المباركة.
وتحقيق المسألة يتوقّف على ذكر بعض الأُمور:
الأمر الأوّل: القول بالجواز وكلمات الفقهاء فيه
الظاهر أنّ أوّل مَن قال بالجواز هو الشيخ الطوسي في المصباح[73]، وقوّى المجلسي في البحار[74] القول بالجواز تبعاً لبعض الروايات، ثمَّ قال: بأنّ الاحتياط يقتضي الترك.
وحدّد السيّد العاملي والأردبيلي[75] الجواز بقصد الاستشفاء، فمَن تناول شيئاً من التربة المباركة يوم العيد أو يوم عاشوراء بقصد الاستشفاء، فإنّ ذلك جائز له، وإلّا فلا يجوز.
ولم أجد ـ بحدود تتبّعي ـ مَن قال بالجواز غير هذين العلمين، ومنع سائر الفقهاء من تناول التربة بأيّ قصدٍ كان.
ودليلهم على المنع أمران:
الأوّل: إنّ الروايات الواردة في القول بالجواز إمّا ضعيفة السند، أو هي من الروايات الشاذّة.
الثاني: إنّ الإجماع من قِبل الإماميّة قائم على حرمة أكل الطين مطلقاً ـ وفي جميع الحالات ـ إلّا ما خرج بالدليل، والدليل قد دلّ على جواز تناولها للاستشفاء فقط دون غيره.
الأمر الثاني: أدلّة القائلين بالجواز ومناقشتها
يمكن حصر أدلّة القائلين بالجواز بما يلي:
1ـ الرواية الدالّة على جواز الأكل تبرّكاً ظهر يوم عاشوراء، وهي ما ذكره الشيخ في مصباح المتهجد بقوله: «ويُستحب صوم هذا العشـر، فإن كان يوم عاشوراء أمسك عن الطعام والشـراب إلى ما بعد العصر، ثمَّ يتناول شيئاً يسيراً من التربة»[76].
ولم يذكر الشيخ المجلسي في كتاب البحار دليلاً سواها في هذا الحكم[77].
2ـ ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني، عن الحسين بن محمّد، عن الحرّاني، عن عليّ بن محمّد النوفلي، قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام : إنّي أفطرت يوم الفطر على طين وتمر، فقال ليّ: «جمعت بركة وسُنَّة»[78].
ورواه الشيخ الصدوق بنفس اللفظ بسنده عن عليّ بن محمّد النوفلي[79].
وكيفيّة الاستدلال هي ما انتصر به البحراني للمجلسي، حيث قال: إنّ روايات المنع من الأكل وإن كانت صحيحة السند ومطلقة، إلّا أنّ أمثال هذه الروايات تكون مخصّصة للإطلاقات الناهية عن أكل مطلق الطين، خصوصاً وأنّ المجلسي حسب طريقته في الأخبار يلغي أمثال هذه المصطلحات من الضعيف والحسن والصحيح والموثّق، وله طريقته الخاصّة في قبول الروايات.
مختار مشهور الفقهاء
خالف مشهور الفقهاء[80] ما عليه الطوسي والمجلسي، وقالوا بالتحريم إلّا مع قصد الاستشفاء، وناقشوا جميع أدلّة القائلين بالجواز، ونكتفي هنا بنقل ثلاث نصوص تبيِّن ضعف دليل هؤلاء:
1ـ قال الفاضل الهندي رحمه الله ـ بعد ذكره رواية النوفلي ـ: «قلتُ: لعلّه [أي: النوفلي الذي سأله الإمام عليه السلام ] استشفى بها عن علّة كانت به. ثمَّ قال: وفي السرائر: إنّه روى الإفطار فيه على التربة المقدَّسة، وأنّ هذه الرواية شاذة من أضعف أخبار الآحاد؛ لأنّ أكل الطين على اختلاف ضروبه حرام بالإجماع، إلّا ما خرج بالدليل من أكل التربة الحسينيّة على متضمّنها أفضل السلام للاستشفاء فحسب ـ القليل منها دون الكثير ـ للأمراض، وما عدا ذلك فهو باقٍ على أصل التحريم والإجماع»[81].
وقال النجفي: «إنّما يجوز أكل طين القبر للاستشفاء دون غيره، ولو للتبرّك في عصر يوم عاشوراء ويومي عيدي الفطر والأضحى، كما هو صريح بعض وظاهر الباقين، خلافاً للمحكي عن الشيخ في المصباح، فجوّزه لذلك في الأوقات الثلاثة ـ المشار إليها ـ لكن لم نقف له على حجّة، فضلاً عن أن تكون صالحة لمعارضة إطلاق النصّ والفتوى، مضافاً إلى قول الصادق عليه السلام في خبر حنان: مَن أكل طين قبر الحسين عليه السلام غير مستشفٍ به فكأنّما أكل من لحومنا»[82].
وقال الهمداني: «وأمّا الإفطار بتربة الحسين عليه السلام ، فقد دلّ على استحبابها خبر النوفلي، والمرسل المروي في الرضوي، ولكن حيث دلّت الأدلّة المعتبرة على حرمة أكلها إلّا للاستشفاء لم يَجُزْ المسامحة فيها، فيشكل حينئذٍ إثبات جواز الإفطار بها بمثل هذه الروايات مع ما في سندها من الضعف، وكونها مرمية بالشذوذ في عبائر كثير منه، واحتمال كون الراوي الذي أجابه الإمام عليه السلام بقوله: جمعت بركة وسنّة. مريضاً قاصداً بالإفطار بها البركة والاستشفاء، فالقول بالمنع عنه ـ كما لعله المشهور ـ مع أنه أحوط لا يخلو من قوّة»[83].
وخلاصة دليلهم ما يلي:
أ ـ قوّة أدلّة القول بالتحريم لكثرتها وصحّة سندها، وضعف أدلّة القول بالحرمة، بل ورميها بالشذوذ، هذا من حيث السند.
ب ـ ومن حيث الدلالة، يمكن حمل الروايات المجوّزة على أنّ السائل مريض، ويقصد بتناول التربة الاستشفاء والإمام عليه السلام قد جوّز له ذلك، وهذا لا ضير فيه كما سوف يأتي.
وجوب الخمس في التربة الحسينيّة
الخمس حقٌّ ماليٌّ أوجبه الله تعالى في أموال المكلّفين، وقد اتّفقت كملة الفقهاء على وجوبه ـ بشروط خاصّة ـ في الجملة، والقدر المتّفق على وجوبه هو غنائم دار الحرب.
واختلفوا في وجوبه على أشياء أُخرى، كالمعدن، والكنز، وما يخرج بالغوص، والفاضل عن مؤنة السنة من أرباح المكاسب، والميراث والهبة، فأوجبه فقهاء الإماميّة في أغلب هذه الأشياء، وخصّه باقي فقهاء المذاهب في أشياء محدودة، وهي: الفيء، والسلب، والركاز على تفصيل في ذلك[84].
وينقسم الخمس عند الإماميّة على قسمين: حقّ الإمام، وحقّ السادة.
واتفق الإماميّة على وجوب الخمس في المعدن. وأمّا فقهاء المذاهب، فذهب الحنفيّة إلى وجوب الخمس فيه؛ لأنّه يُعدّ غنيمة، ويجب الخمس في الغنيمة. وأكثر فقهاء المذاهب الأُخرى أوجبوا فيه الزكاة فقط[85].
الاختلاف في تفسير المعدن
اختلف الفقهاء في تفسير المعدن الذي يجب الخمس أو الركاز على أقوال:
ففسّرها بعض: «بأنّها كُلّ ما خرج من الأرض ممّا يُخلَق فيها من غيرها، ممّا له قيمة كالملح والنفط، والقير، والكبريت»[86].
وفسّرها آخر: بأنّه كُلّ ما استُخرج من الأرض ممّا كان أصله منها، ثمَّ اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها، كالجصّ، وطين الغسل، وحجارة الرحى[87].
وفسّرها ثالث: بأنّ أصل المعدن المكان بقيد الاستقرار فيه، ثمَّ اشتُهر في نفس الأجزاء المستقرّة التي ركبّها الله تعالى في الأرض، حتى صار الانتقال من اللفظ إليه ابتداءً بلا قرينة[88].
وفسّرها رابع: بأنّه كُلّ ما تولّد في الأرض من غير جنسها ليس نباتاً[89].
وعلى بعض هذه التفاسير يأتي القول بوجوب الخمس على التربة المباركة.
القول بوجوب الخمس في التربة الحُسينيّة
لعلّ أوّل مَن أشار إلى هذه المسألة هو الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء الكبير في كشف الغطاء، بقوله ـ بصدد ذكر بعض مصاديق المعدن ـ: «وفيما يحتاج إلى العمل من التراب ـ كالتربة الحسينيّة، والظروف وآلات البناء ـ لوجوب الخمس فيه وجه»[90].
فالشيخ رحمه الله استوجه القول بوجوب الخمس في أوّل كلامه، وهو أنّ التربة الحسينيّة بالكيفيّة المطبوخة تحتاج إلى عمل وجهد، وهذا يوجب جعل الخمس عليها، فالظاهر أنّه غير مراد له رحمه الله .
ولعلّ وجه القول بوجوب الخمس هو: أنّ التربة الحسينيّة المباركة تندرج في المعدن، وتكون أحد مصاديقه، فيجب ـ لذلك ـ الخمس فيها.
وهذا إنّما يتمّ بناءً على أحد التفاسير المتقدّم آنفا للمعدن، وهو تفسيره: «بكُلّ شيء اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها».
مناقشة وجه القول بالوجوب
ويُناقش هذا الوجه بأمرين:
الأوّل: إنّه لو عمّمنا تفسير المعدن لكان كُلُّ ما على الأرض معدناً وهو واضح البطلان.
الثاني: إنّ تفسير المعدن بـلكلّ ما اشتمل على خصوصية يعظم الانتفاع بها لم يثبت من العُرْف واللغة، وإنّما المعيار والميزان في المعدن هو ما صدق عليه المعدن عرفاً، وفي كُلّ مورد نشكّ في صدق المعدن على الشيء عرفاً لا يجب فيه الخمس[91].
ولأجل هذين الوجهين خالف كُلّ مَن جاء بعد الشيخ كاشف الغطاء وتعرّض لهذه المسألة، كالشيخ النجفي وغيره[92].
الخلاصة: عدم نهوض دليل القول بوجوب الخمس على التربة الحسينيّة، وعدم إمكان الاعتماد عليه، فالقول بعدم الوجوب هو الأقوى، كما هو واضح.
[1] النساء: آية43.
[2] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج2، ص240، وج5، ص161. العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص350.
[3] اُنظر: العاملي، محمّد بن عليّ، مدارك الأحكام: ج1، ص340. النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص127.
[4] الكاساني، علاء الدين، بدائع الصنائع: ج1، ص105. ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتار: ج1، ص300 ـ 320. اُنظر: الآبي، صالح، جواهر الإكليل: ج1، ص48. النووي، يحيى بن شرف، روضة الطالبين: ج1، ص255. الموسوعة الفقهيّة الكويتية: ج27، ص131ـ 132، وج24، ص202.
[5] المصدر السابق
[6] اُنظر: الشربيني، محمّد بن أحمد، مغني المحتاج: ج1، ص168. المقدسي، ابن قدامة، المغني: ج1، ص524.
[7] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج8، ص276. النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص135. ابن رشد، محمّد بن أحمد، بداية المجتهد: ج1، ص330، وص382 ـ 383.
[8] اُنظر: الطوسي، محمّد بن الحسن، الخلاف: ج1، ص357. العلّامة الحلي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج2، ص434 ـ 435. العلّامة الحلي، الحسن بن يوسف، منتهى المطلب: ج4، ص351 ـ 353. العاملي، محمّد بن مكي الشهيد الأول، ذكرى الشيعة: ج2، ص138.
[9] السجستاني، سليمان، سنن أبي داود: ج1، ص227، ح 858.
[10] ابن حجر، أحمد بن عليّ، فتح الباري: ج2، ص13. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج1، ص433.
البُسط والثياب التي لها خمل رقيق. [11]
[12] الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص348ـ347.
[13] الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة:ج5،ص343.
[14] الشافعي، محمد بن ادريس:الأُم،ج1،ص91. المقدسي، ابن قدامة،المغني،ج1،ص593.النووي، محيي الدين، المجموع:ج3،ص425.ابن حزم، علي،المحلى بالآثار: ج4،ص83. المرغيناني، علي، الهداية:ج1،ص50. ابن همام،محمد،فتح القدير، ج1،ص265. الدردير،ابو البركات،الشرح الكبير:ج1،ص252.
الشافعي، محمد بن ادريس:الأُم،ج1،ص91. [15]
اُنظر: العلامة الحلي، الحسن بن يوسف،تذكرة الفقهاء:ج2،ص435. [16]
اُنظر: الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان: ج5، ص305. [17]
[18] اُنظر: الشافعي، محمد بن ادريس:الأُم،ج1،ص91. المقدسي، ابن قدامة،المغني،ج1،ص593.النووي، محيي الدين، المجموع:ج3،ص425.ابن حزم، علي،المحلى بالآثار: ج4،ص83. المرغيناني، علي، الهداية:ج1،ص50. ابن همام،محمد،فتح القدير، ج1،ص265. الدردير،ابو البركات،الشرح الكبير:ج1،ص252.
[19] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج3، ص350. البخاري، محمّد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج1، ص113.
[20] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج6، ص380 ـ 381. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج2، ص50.
[21] اُنظر: كاشف الغطاء، محمّد حسين، الأرض والتربة الحسينيّة: ص56 ـ 57. الأحمدي، عليّ، السجود على الأرض: ص106، ص108، ص109. الخرسان، محمد مهدي، السجود على التربة الحسينيّة: ص353 ـ 354.
[22] الديلمي، حمزة بن عبد العزيز، المراسم العلويّة: ص 66.
[23] الطوسي، ابن حمزة، الوسيلة: ص91.
[24] الحلبي، علي بن الحسن بن أبي المجد، إشارة السبق: ص89.
[25] الحلي، يحيى بن سعيد، جامع الشرائع: ص70.
[26] العاملي، محمد بن مكي الشهيد الأول، البيان: ص169.
[27] الكركي، علي بن الحسين، رسائل الكركي: ج1، ص103.
[28] العاملي، زين الدين بن عليّ الشهيد الثاني، الفوائد المليّة: ص 210.
[29] البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج 7، ص260.
[30] الوحيد البهبهاني، محمّد باقر، مصابيح الظلام: ج8، ص55.
[31] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج3، ص206.
[32] النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج8، ص437.
[33] اليزدي، كاظم، العروة الوثقى: ج2، ص397.
[34] الهيثمي، علي بن ابي بكر، مجمع الزوائد:ج9،ص187. ابو يعلى، احمد بن علي، مسند أبي يعلى: ج1،ص289. المتقي الهندي، كنز العمال:ج13،ص655. ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج1،ص85.
[35] اُنظر: الأحمدي، عليّ، السجود على الأرض: ص116ـ 117.
[36] اُنظر: الأحمدي، علّي، السجود على الأرض: ص108ـ 113. الأميني، عبد الحسين، السجود على التربة الحسينيّة: ص65ـ 66. السبحاني، جعفر، الإنصاف: ج1، ص264.
[37] الطوسي، محمّد، مصباح المتهجد: ص733. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص366.
[38] السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج5، ص459 ـ 460.
[39] الصدوق، محمّد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج1، ص268. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص365 ـ 366.
[40] السبزواري، عبد الأعلى، مهذّب الأحكام: ج5، ص460 ـ 461.
[41] الطبرسي، أحمد، الاحتجاج: ج2، ص312. الحرّ العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص366.
[42] الديلمي، الحسن بن محمّد، إرشاد القلوب: ص115. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج5، ص366.
[43] اُنظر: بني فضل، مرتضى، مدارك تحرير الوسيلة: ج1، ص270.
[44] اُنظر: الكركي، عليّ بن الحسين، رسائل الكركي المجموعة الثانية: ج2، ص91ـ 96. البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج7، ص260 ـ 261. البهبهاني، علي، الفوائد العلية: ج2، ص210.
[45] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج11، ص427. النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج8، ص218.
[46] الأردبيلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج9، ص503 ـ 504.
[47] ابن طاووس، علي بن موسى، الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص47.
[48] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج8، ص40. الطوسي، محمّد بن الحسن، الاستبصار: ج3، ص279.
[49] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص75.
[50] ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج5، ص158. ورواه أبو هريرة بلفظ آخر قريب من هذا، اُنظر: البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري: ج1، ص205. البيهقي، أحمد، السنن الكبرى: ج2، ص186. ابن خزيمة، صحيح ابن خزيمة: ج1، ص368. النيسابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم: ج1، ص416 حديث 595.
[51] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج6، ص443. كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج3، ص228. النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص404 ـ 405. البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج8، ص525.
[52] اُنظر: النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص399. اليزدي، كاظم، العروة الوثقى: ج2، ص616. الحكيم، محسن، مستمسك العروة: ج6، ص516. السبزواري، عبد الأعلى، مهذَّب الأحكام: ج7، ص114. العاملي، محمّد بن عليّ، مدارك الأحكام: ج15، ص637.
[53] الطبرسي، الحسن بن الفضل، مكارم الأخلاق: ص281. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج، ص333.
[54] اُنظر: الحكيم، محسن، مستمسك العروة الوثقى: ج5، ص511.
[55] الطبرسي، أحمد، مكارم الأخلاق: ص581. الحرّ العاملي، محمّد، وسائل الشيعة: ج6، ص455 ـ 456.
[56] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج6، ص456.
[57] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجد: ص678. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج6، ص456.
[58] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجد: ص678.
[59] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص75.
[60] اُنظر: الطبرسي، أحمد، الاحتجاج: ص489.
[61] النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج5، ص56. المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج82، ص341.
[62] نقله عنه: الحكيم، محسن،العروة الوثقى: ج5،ص511
[63] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج3، ص227. الأردبيلي، أحمد، مجمع الفائدة: ج2، ص312.
[64] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج3، ص342.
[65] اُنظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص408. العاملي، محمّد بن مكّي، الدروس الشرعية: ج2، ص12. القمي، أبو القاسم، غنائم الأيام: ج2، ص627. العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة: ج7، ص614.
[66] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج6، ص456. واُنظر: الهندي، محمّد، كشف اللثام: ج3، ص228. النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص405 ـ 406.
[67] اُنظر: المصادر السابقة.
[68] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج14، ص536. البهبهاني، محمد باقر، مصابيح الظلام: ج8، ص236.
[69] اُنظر: كاشف الغطاء، جعفر، كشف الغطاء: ج3، ص227. العاملي، محمد جواد، مفتاح الكرامة: ج7، ص615. البهبهاني، محمد باقر، مصابيح الظلام: ج8، ص235. النجفي، محمّد حسن، جواهر الكلام: ج10، ص407 ـ 408.
[70] اُنظر: الأردبيلي، أحمد، مجمع الفائدة والبرهان: ج11، ص233. النراقي، أحمد بن محمد مهدي، مستند الشيعة: ج15، ص159، وما بعدها.
[71] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج24، ص226.
[72] اُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج10، ص273 ـ 275.
[73] اُنظر: الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجد: ص771.
[74] المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار: ج57، ص161. واُنظر: البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج10، ص274 ـ 275.
[75] اُنظر: المصادر في الهوامش السابقة.
[76] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجد: ص771.
[77] اُنظر: المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج57، ص161.
[78] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص170. الحرّ العاملي، محمد بن يعقوب، وسائل الشيعة:ج7، ص445.
[79] الصدوق، محمّد بن علي، مَن لا يحضره الفقيه: ج2، ص113.
[80] اُنظر: العاملي، محمّد بن مكي، ذكرى الشيعة: ج4، ص175ـ 176. الكركي، عليّ، جامع المقاصد: ج2، ص447. العاملي، محمد، مدارك الأحكام: ج4، ص114. العاملي، زين الدين، روض الجنان: ج2، ص801. الهندي، محمّد، كشف اللثام: ج4، ص322. الحلي، ابن إدريس، السرائر: ج1، ص318. النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج36، ص368، السبزواري، محمد باقر، كفاية الأحكام: ج2، ص612، وغيرها.
[81] الهندي، محمد، كشف اللثام: ج4، ص322 ـ 323.
[82] النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج36، ص368.
[83] الهمداني، رضا، مصباح الفقيه ط ق: ج2، ق2، ص473.
[84] اُنظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج16، ص2 و ما بعدها. جماعة من العلماء، الموسوعة الفقهية الكويتية: ج20، ص 10وما بعدها، ج23،ص226 وما بعدها.
[85] اُنظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج16، ص22 وما بعدها. جماعة من العلماء، الموسوعة الفقهيّة الكويتية: ج20، ص12.
[86] العلّامة الحلي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام: ج1، ص434. البحراني، يوسف، الحدائق الناضرة: ج12، ص327.
[87] اُنظر: العاملي الشهيد الثاني، زين الدين، الروضة البهيّة: ج2، ص66. الأنصاري، مرتضى، كتاب الخمس: ص36.
[88] اُنظر: ابن عابدين، حاشية ردّ المحتار: ج2، ص347. ملا خسرو، محمد، درر الأحكام: ج1، ص184.
[89] البهوتي، منصور بن يونس، كشاف القناع: ج1، ص222.
[90] كاشف الغطاء، جعفر، كشف العطاء: ج4، ص201.
[91] اُنظر: النجفي، محمد حسن، جواهر الكلام: ج16، ص22. الأنصاري، مرتضى، كتاب الخمس: ص30. الآملي، محمّد تقي، مصباح الهدى: ج11، ص26.
[92] اُنظر: المصادر السابقة.
اكثر قراءة