akdak

المقالات

القسم العقائدي

الصندوق والنهر

383

مروه حسن الجبوري

في زمن مخيف يقتل فيه الابناء، وتدفن فيه النساء، حملت الام بطفلها، توجس خائفة على جنينها، جاءها المخاض وهي ترتجف خوفا، ماذا تفعل لكي ينجو ولدها، جلست في بيتها حتى لا يرى حملها احد من الناس، تتشوق لضم ولدها، بعد انتظار تسعة اشهر، ولد طفلها اخذته في احضانها المرتعشة، تهدا انفاسها عندما تسمع صوته، (اسمته موسى) جاءها وحي من الله أن ترضعه ثم تضعه في صندوق صغير وتلقيه في النهر (نهر النيل)، أي أم تفعل هذا؟.

تلقي ثمرة قلبها في النهر ولم تمضي ساعات على ولادته؟، والنهر مملؤة بالماء ولا يخلو من الثعابين والحيوانات المائية، لكنها فعلت ما أمرت به، ووضعت رضيعها ومهجة قلبها في الصندوق بعد أن أرضعته واحتضنته، سار الصندوق بقدرة الله وأمره في الماء، طلبت من ابنتها ان تتبع الصندوق وتخبرها أين حط رحاله، فامتثلت الابنة أمر أمها وتتبعت أثر أخيها الصغير فوجدته وقف عند قصر ضخم وعليه اثار العظمة، وصل الصندوق بين يدي ملكا جبارا متكبرا يلقب بــ (فرعون)، اما الام فبقيت في بيتها بعد أن اصبح فؤادها خاليا، وكانت الاخت تعمل في القصر، فظلت تتابع احداث القصر وماذا يجري، وتتفقد أخيها الصغير بالخفي حتى لا ينكشف الأمر، رفض الطفل الصغير المرضعات، اجتهدوا في البحث عن مرضعة يطعمون بها الطفل الصغير، شاء الله ان يجمع الام بطفلها، قامت الأخت بذكاء بطرح اقتراحا بأن تدلهم على مرضعة يتربى عندها وتطعمه وافق فرعون، الام كانت مشتاقة لنظرة ولدها فأعاده الله إلى أحضانها فأعاد الله لها ولدها تستمتع بإرضاعه وتحصل على مقابل مادي فهي مرضعة في قصر الفرعون.

المواعظ القرآنية من هذه القصة

1 – أهمية الايمان بالله عز وجل، فليس من السهل ان تضع أم رضيعها في الماء، لكن ثقتها بالله كانت اقوى من العاطفة.

2- إن التأمل في قصة موسى وكيف أنجاه الله من جبروت فرعون وهو حملا في بطن أمه ثم طفلا في الماء وشابا ورجلا دليل على قدرة وارادته مهما فعل الانسان تبقى ارادة الله الطفل في الماء لا يغرق ولا تقترب منه الحيوانات تحركه التيارات انها معجزة بحد ذاتها.

3 – الامل والتفاؤل بأن غدا أجمل وان ما تفقده اليوم يعوضه الله لك خيرا.

4– أهمية دور الاخت وعلاقتها بأخيها من خلال المتابعة والاهتمام به.

5– علاقة الطفل بأمه من خلال الرضاعة الطبيعة ورفض المرضعات لأنهن لا يملكن حنان امه، وخلال هذا الوقت فإن الأم تقوم عادة بإرضاع طفلها و ضمه إلى صدرها، وهذا الأمر من شأنه أن يربط الاثنين باتصال جسدي خلال الساعات والأيام الأولى الثمينة من حياة الرضيع.

6 أهمية كتم الأسرار كما اخفت أم موسى خبر حملها ولادته وكما كتمت أخت سر موسى.

كيف تطور علاقة الأم بطفلها

تُشير الإحصائيات إلى أنّ العلاقة التي تربط الطفل بأمه، لها أهمية خاصة، وغيابها قد يؤثّر سلباً في نفسيّته ويحوّله إلى إنسان مكتئب ومنعدم الأمان ومتوتر، ومن هذا المنطلق، تدعوكِ " شبكة النبأ المعلوماتية " إلى بذل الجهد لتكوني خير أمٍّ لطفلك وتمنحي علاقتكما الوقت الذي تحتاجه لينمو ويزهر طفلك بين ربيع عطفكِ وحنانك ِ ومع كل هذه القصص القرآنية، ماذا تنتظرين يا عزيزتي لتقوي علاقتكِ بـطفلك فهو حياة الروح، وروح الحياة.