akdak

المقالات

قسم القرآن الكريم

كيف حُرّفت هذه الآية [الأحقاف : 17] من قبل بني أمية ؟

306

ناصر مكارم الشيرازي

قال تعالى : {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} [الأحقاف : 17]

ورد في رواية أنّ «معاوية» أرسل رسالة إلى «مروان» ـ وإليه على المدينة ـ يأمره بأخذ البيعة من الناس لابنه يزيد ، وكان «عبدالرحمن بن أبي بكر» حاضراً في المجلس ، فقال : يريد معاوية أن يجعل هذا الأمر هرقلياً وكسروياً ـ ملكي الروم وفارس ـ إذا مات الآباء جعلوا أبناءهم مكانهم ، وإن لم يكونوا أهلاً لذلك ، أو كانوا فساقاً ؟

فصاح مروان من على المنبر : صه ، فأنت الذي نزلت فيه : (والذي قال لوالديه أُف لكما) .

وكانت «عائشة» حاضرة ، فقالت : كذبت ، وإنّي لأعلم فيمن نزلت هذه الآية ، ولو شئت لأخبرتك باسمه ونسبه ، لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعن أباك وأنت في صلبه ، فأنت فضض من لعنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (1) .

أجل... ولقد كان ذنب عبدالرحمن عشقه ومحبّته لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) ، وهو أمر كان يسوء بني أمية كثيراً ، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى فإنّه كان مخالفاً لصيرورة الخلافة وراثية ، وتبديلها إلى سلطنة ، وكان يعتبر أخذ البيعة ليزيد نوعاً من الإنحراف نحو الكسروية والهرقلية ، ولذلك أصبح غرضاً لأعداء الإسلام الألداء ، أي آل أميّة ، فحرّفوا آيات القرآن فيه.

وكم هو مناسب الجواب الذي أجابت به عائشة مروان بأنّ الله سبحانه لعن أباك إذ كنت خلفه ، وهو إشارة إلى الآية (60) من سورة الإسراء حيث تقول : (والشجرة الملعونة في القرآن) (2) .

_________________________

1- التفسير الكبير في تفسيره ، ج10 ، ص 159 ، ونقل هذه الرواية بتفاوت يسير في تفسير القرطبي ، ج 9 ، ص 6017.

2- يراجع لتفسير هذه الآية ذيل الآية (60) من سورة الإسراء. وينبغي الإلتفات إلى أنّ «مروان بن الحكم» هو ابن «أبي العاص» ، وهذا بدوره ابن «أميّة» أيضاً.