akdak

المقالات

قسم القانون

حول إشاعة الثقافة القانونية

199

زاهر الزبيدي

ثقافات كثيرة نفتقدها في محيطنا المجتمعي، منها ثقافة العمل وثقافة التعامل مع الآخرين، الأتيكيت، والثقافة الصحية والثقافة القانونية وغيرها من الثقافات التي تُشكل بمجملها أركان الحضارة الإنسانية، وهي بالتالي تعتبر بحق المحور الأساس لقيام مجتمعات المعرفة التي تدار من قبل مؤسسات مثقفة قادرة على نشر ثقافتها وإستخدامها. حيث برزت نظريات منها Philip selznik, 1957،GEER Hofstede, 1980 بينت وجود ترابط وثيق بين قوة الثقافة والكفاءة عالية المستوى ففي المؤسسات ذات الثقافة القوية يشترك أفرادها في مجموعة من القيم والسلوكيات النظامية المتماثلة كما أن من الممكن جداً أن يستوعبها العمال الجدد بسرعة كبيرة ويتم تطبيقها برؤيا صحيحة.

نرى أن ما يمر به العراق من مشاكل سياسية يحتم علينا أن نضع أيدينا على سبل تطوير الثقافة القانونية في البلد وندعم تنميتها بكل قوة، وذلك لان الثقافة القانونية ستمكننا يوماً من دفع أبناء شعبنا لمعرفة حقوقهم القانونية وفق سياسة تنمية نتبعها بهدف تكوين انسان عراقي جديد يفهم واجباته كما يفهم حقوقه.

وعلى هذا الأساس فأن فهم الحقوق يحتم بالضرورة أن نفهم واجباتنا تجاه إحترام القانون مع أن الطرف الآخر من معادلة فهم القانون المتمثل بالمؤسسات القانونية عليها واجبات كبيرة في تنفيذ القوانين وإشاعة مبادئه ومفاهيمه داخل أدنى حلقات تلك المؤسسات التي تنفذ ابوابه وبنوده.

ومع يقيننا التام بأن ما يتعرض له البلد من هجمات إرهابية وتهديدات إقليمية كبيرة، قياساً بما قبل 2003، يلزمنا ذلك الأمر بأن نزيد من ثقافة العاملين على القانون بالقانون ذاته وأن يراعوا في تطبيقه الحرفية والكفاءة، مع الأخذ بنظر الإعتبار أن القوانين الوضعية يجب أن ترافقها عمليات دراسة للواقع السياسي والإجتماعي ومعطياته التي تدفعنا الى التغيير بما فيه مصلحة المواطن.

إن التنمية القانونية كما التنمية السياسية عبارة عن خطط بعيدة المدى تستهدف التطوير والبناء بالأساس وعلى هذا البناء أن يوكب كل أنواع القوانين في العالم من تلك التي لاتتعارض مع دستور العراق.

عراقنا اليوم بحاجة ماسة لتنمية قانونية حقيقية، فالمماحكات السياسية والفعاليات الشعبية على أنواعها كالتظاهرات تدفعنا لإعداد حزم قانونية جديدة تواكب التطورات السياسي الكبيرة، سلبية كانت أم ايجابية، الهدف منها هو ردم الفجوات في قوانيننا وهذه أهم مسؤوليات الهيئات التشريعية في البلد متمثلة في البرلمان العراقي ولجنته القانونية التي من المفترض أن تواكب تطور الحركات السياسية والإقتصادية والإجتماعية في البلد والدفع بإتجاه تأسيس القوانين والتعريف بها وفقاً لسياسات التنمية القانونية ونشر وعيها.

لقد أشرت المرحلة السابقة الكثير من الأخطاء التي وقعت بها لمؤسسات القضائية والعدلية كان سببها التهاون في إنفاذ القانون وأقرب تلك التجارب الينا هو إطلاق سراح الالاف من المعتقلين ممن لم تثبت إدانتهم، جاء ذلك بعد مكوثهم رهن الإعتقال لأغراض التحقيق لمدة طويلة قياساً بما حدده الدستور العراقي، كذلك عدم إطلاق سراح من صدرت الأوامر بإطلاق سراحهم، وصولاً الى إعتقال مواطنين بجريرة ذويهم وتلك الطامة الكبرى، وعلى الرغم من إنحسار تلك التصرفات إلا أنها وضعت علامات دالة على تطبيقات خاطئة أشرت مدى ضعفنا في مجال تنمية الوعي القانوني وتباطؤنا في نشر ثقافته.

علينا الاستفادة من التجارب العالمية في مجال إشاعة الثقافة القانونية بين ابناء شعبنا ليعي أهم ضرورات المرحلة وليفهم أن النظام هو وحدة القادر على كفالة حقوق الجميع والمعرفة به تحتم بذل الجهود الكاملة إعلامياً واجتماعياً ودينياً في اشاعة ثقافته وبإستخدامنا لكل مفرادات الإتصال بالمجتمع، الإعلام، المدرسة، المؤسسات العامة، الاسرة، لإشاعة المفاهيم القانونية لشعبنا ليكون على دراية بحقوقه وواجباته، لأننا بذلك نقدم للعالم أبناء وطننا بشخصيات قوية قادرة على مواجهة التحديات فالشخصية القوية لا تصبح كذلك حتى تتركز في داخلها وعياً قانونياً يجرده بالتدريج من الاحكام العشائرية وانظمتها البالية.