akdak

المقالات

قسم علم النفس

ضغوط الحياة تدفع الشخص إلى التركيز على مساوئ شريك حياته

228

هبه حسين

قد تؤثر ظروف الحياة الضاغطة على سلوكيات المتزوجين، ولكن هل تؤثر على نظرة كلٍّ منهما إلى الآخر؟ سؤال حاولت الإجابة عنه دراسة حديثة نشرتها دورية "سوشيال سيكولوجي آند بيرسوناليتي ساينس"، موضحةً أن "معاناة شخصٍ ما من التوتر تجعله أكثر قابليةً لملاحظة السلوك السلبي لشريك حياته بدلًا من التركيز على سلوكياته الإيجابية".

ووفق البيان الصحفي الذي اطَّلعت مجلة "للعلم" على نسخةٍ منه، فقد ركزت الأبحاث السابقة على تأثير التوتر المستمر على سلوك الإنسان، لكن الدراسة الحديثة اهتمت برصد تأثير التوتر على ملاحظة المتزوجين بعضهم لسلوك بعض، وتشمل السلوكيات السلبية التي رصدها الباحثون عدم الوفاء بالوعد، وإظهار الغضب، ونفاد الصبر، وتوجيه النقد.

تقول "ليزا نيف" -الأستاذ المساعد بقسم التنمية البشرية وعلوم الأسرة بجامعة تكساس، والباحثة الرئيسية في الدراسة- في تصريحات لـ"للعلم": وجدنا أن الأشخاص الذين يعانون ظروفًا ضاغطةً خارج إطار العلاقة الزوجية، مثل مشكلات العمل، يكونون أكثر قابليةً لملاحظة ما إذا كان شريكهم قد تصرَّف بطريقة غير مسؤولة.

أجرى الباحثون استطلاعًا للرأي بمشاركة 79 ثنائيًّا من المتزوجين على مدى عشرة أيام؛ إذ سجل المشاركون سلوكهم وسلوك شريك حياتهم، وقبل بدء الاستبانة، ملأ المتزوجون استبانةً تضمنت تفاصيل الأحداث الضاغطة في حياتهم.

وتشير نتائج الدراسة إلى أهمية أن يركز "المتزوجون حديثًا" على السلوكيات الإيجابية لشركائهم ويتغاضون عن التصرفات السلبية خلال فترة شهر العسل.

تقول "نيف": بالنسبة لكثير من الناس، كانت السنوات الماضية صعبة، خاصةً مع حالة التوتر والقلق التي فرضتها جائحة كورونا، واتضح أن تركيز الأشخاص تجاه التصرفات غير المسؤولة من شركائهم بفعل التوتر يؤثر على العلاقة، ولا يعني ذلك أن التعرُّض للتوتر يومًا واحدًا يؤدي إلى التركيز على سلبيات شريك الحياة، بل يحدث ذلك نتيجة تراكُم ضغوط الحياة.

وتتابع: يحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسة للتأكد من أن الوعي بالتأثير السلبي للتوتر قد يسمح للمتزوجين بتصحيح سلوكياتهم وتقليل الضرر الذي يصيب علاقتهم، وفي هذا السياق، يجب دراسة تأثير التوتر على العلاقات في المراحل المختلفة من العلاقة الزوجية وليس في بداية الزواج فقط، والتي اقتصرت على الشهور السبعة الأولى من الارتباط.

ووفق النتائج، فإن الباحثين لم يجدوا فروقًا بين الجنسين فيما يتعلق بتأثير التوتر، ولكنهم لاحظوا أن الأشخاص الأكثر معاناةً هم الأكثر تركيزًا على السلوكيات السلبية لشركاء الحياة، ويتساوى في ذلك الرجال والنساء.

تقول "نيف": تُظهر نتائج الدراسة كيف يمكن للتوتر الناجم عن مجالات مختلفة في الحياة مثل العمل أو العائلة الكبيرة أو زحام المرور أن يُلقي بظلاله على طريقة تفكير الشخص وسلوكه عند التعامل مع شريك حياته، والتنبُّه للتأثيرات الضارة للتوتر يساعد الناس في تفهُّم كيفية تنوُّع نظرتهم إلى الأمور، وبالتالي محاولة تصحيح الوضع؛ فعلى سبيل المثال، أشارت دراسة أُجريت عام 1989 في جامعة كاليفورنيا إلى أن الشخص عندما يبتعد عن شريك حياته فترةً قصيرة بعد يوم عمل مرهق للغاية، يقل احتمال تسبُّب التوتر الذي يعانيه في حدوث مشكلات عائلية، وقد يكون الأمر صعبًا في التنفيذ، لكن الوعي بالضرر الذي قد يسببه التوتر يساعد في تخفيف تأثيره