akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

الطفل

103

ميثم عبد الرزاق
عندما تزدحم المسؤوليات وتتشتت المشاعر تنطفئ جذوة العاطفة في لحظة من الزمن فتكسر وجدان البراءة … فعندما يأتي الضيف فتقدم له الشاي أو القهوة وتترك الصغير بحجة انه يضره وهو لا يدرك هذا سوى انه قد أدرك انه اقل قيمة فيميل بنفسه منكسرا ومتوسلا بإنقاذ براءته عل الأب أو الأم يعطفا عليه فينقذا شخصيته ويشبعا غريزته.
لكن أبويه في موقفهما هذا يخجلان من أن يهتما به فيعطياه من الشاي الحار أو القهوة الثقيلة المرة فان الناس ينظرون إليهما بعين الصغار إذا فعلا ذلك , فراحا وهما يترددان بذوق ما يشربان وقد ملئا حسرة على ولدهما فما يتجرعان في جوفهما من الحساء إلا نكدا باحثين عن فرصة ما ليذيقا ولدهما مما شربا والناس قد استمتعوا بهنائهم ولم يخطر ببال احد انه قد صنع ما صنع ببراءة طفل ففصما آصرة البنوة لابوين حنونين.
وعندما يمرح طفلك وهو يرتدي ثوبه الجديد في الخارج وعيون الناس تأكلك مزدرية منك ومنتظرة متى تنهره فتصب عرقا وتحمر وجنتاك حيث اخذ طفلك يوسخ ثيابه بالتراب وما احلى أمنا الأرض حين نلعب معها , كيف إذا حال الطفل وكيف يشعر وهو يداعب حبات الرمل الناعمة وقد أودع الله عز وجل تلك الجاذبية الأزلية بين الوجودين فإذا بك تكذب عليه مدعيا أن ذلك تصرف فظ مع انك تشعر انه يداعب رمشك وان تراه يمرح مسرورا فما صدر منه إلا حلو جميل ولكنك مضطر لذلك.
عندما تأكل أمام الغريب مع ولدك فانك بدل أن تراعي مشاعر ولدك وتعطف عليه حين يأكل فانك تراعي مشاعر الغريب وتبقى تراقب ولدك على حركاته وسكناته من أن يوسخ ملابسه أو ما حوله من الفراش فتحاسبه حتى يبقى نظيفا جالسا جلسة الكبار وما إلى ذلك من المطالب حتى انك تنسى انك تطالبه بنكران طفولته وتطلب منه ما هو فوق استطاعته وهو لا يفهم سوى ان هناك من الاوامر المجحفة بحقه ولا يدرك ما هو السبب.
كل ذلك وغيره من السلوك تولده العادات والتقاليد التي لم ينزل الله بها من سلطان وقد ترسخت في مجتمعاتنا نتيجة التراجع في الارتباط بالدين الحنيف والتخلف بالمستوى التعليمي , فهل منا من طبق ما كان يفعله الرسول صلى الله عليه وآله مع احفاده فقد قطع خطبته وقربهم , وكذلك الائمة الاطهار حيث كان الواحد منهم يناغي الطفل الرضيع وكانه يفهمه ولا يقطع حديثه معه الا بعد ان يكمله , وكان الطفل يدرك ذلك , اين نحن من هذه العلاقة ووصايا الرسالة المحمدية بالتصابي للصبية وبذل السلام عليهم , هذا من جهة ومن جهة اخرى فكم اكدت وزاراتنا التعليمية على انها قدمت التربية على التعليم لاهتمامها بالتنمية البشرية من الناحية الاخلاقية بالدرجة الاولى لكنها لم تضع الخطط الكفيلة التي تخرج لنا جيلا صالحا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر سوى ما رأيناه حفنة من انعكاس الاعتقادات والتقاليد الاجتماعية البالية وإشعار التلاميذ بالسطوة فحسب ، فعليهم الاستماع لا الاسماع ومحاسبتهم وفق هوى الأستاذ فبدل ان يؤدبهم فانه يعذبهم في غالب الاحيان