akdak

المقالات

قسم علم النفس

الحرب النفسية وادواتها

127

مسلم الموسوي

تعرف (الحرب النفسية) بأنّها نوع من الضغط النفسي الذي يُوجّه للعدو، ويسعى للقضاء على ايمانه بذاته وزعزعة ثقته بنفسه.
والحرب النفسية لا تسعى إلى الإقناع، وإنما تهدف الى تحطيم الإرادة وتفعيل الأدوات الإعلامية المتاحة للتأثير في عقول ومشاعر جماعة محدودة وتغيير الموقف وسلوكيات الجماعة بما يخدم مصالح الطرف الذي
يشن الحرب النفسية.

ان منطق الحرب النفسية يستوجب التأثير في سلوك العدو، حتى لو كان هذا الامر على حساب الحقيقة.
وتهدف الحرب النفسية الى هزيمة الجبهة المعادية وخلق البلبلة والقلاقل في صفوف الخصم الداخلية لغرض احداث ثغرات فيها، وخلخلة نظامه تمهيدا لاسقاطه وغرس بذور التفرقة بين صفوفه وصفوف حلفائه، وزيادة وتيرة الخلاف بين الحكومة وشعبها، ودعم الحركات السياسية لزيادة المشاكل المتعلقة بالدولة لغرض زعزعة النظام الداخلي فيها.
ومن أهم الادوات المعروفة لتحقيق هذه الغايات نذكر الآتي:

أولا: الشائعة
تعد الشائعات من أكثر الأدوات التي تعتمدها الحرب النفسية من اجل تحقيق اهدافها، والشائعة هي مجموعة من الاقوال والاخبار يختلقها بعضهم لاغراض محدودة ويتناقلها الناس دون معرفة صحتها.
وتهدف الشائعة الى تمزيق معنويات الأعداء، وتحطيم الثقة بمصادر الأخبار، وتستخدم كطعم لمعرفة ردود الفعل وجس نبض المعنويات الداخلية.
وداخليا، تستخدم الشائعات لتوضيح بعض القضايا والأمور التي تنفع في التنمية مما يشجع المواطنين على سلوك الاتجاه المرغوب فيه لخدمة البلاد.

ثانيا: غسيل الدماغ
كل وسيلة تقنية تهدف الى تغيير الفكر أو السلوك بما يخالف رغبة الإنسان او ارادته او ثقافته او تعليمه تسمى غسيل الدماغ، وهي عملية ليست حديثة، وانما طبقت في كل العصور والازمنة من اجل فرض رأي او تحويل عقيدة او دين او مذهب.
وتؤكد الدراسات أن اسلوب غسيل الدماغ في العصر الحديث لا يختلف عن الاسلوب الذي استخدم في الماضي الا في تطوير وسائل أكثر ذكاء وتجنب استخدام القوة والقسوة، وانما من خلال توفير قناعة مضادة عند أصحابها.

ثالثا: الارهاب
هو استخدام طرائق عنيفة كوسيلة لنشر الرعب والخوف العام، وإجبار المجتمع على اتخاذ مواقف وقرارات معينة أو الامتناع عنها، وبذلك يدخل الإرهاب ضمن ادوات الحرب النفسية ولكن بشكل غير مباشر، إذ يعد الإرهاب من أدوات الحروب التقليدية من جهة، ومن جهة أخرى يعد من أدوات الحروب النفسية من خلال دوره في بث الخوف لدى الشعوب وارباك العملية السياسية في بلدانهم.
وقد اصبح الارهاب محور كل وسائل الاعلام بشكل كبير، وبخاصة بعد ان تعرضت الولايات المتحدة لهجمات الحادي عشر من ايلول عام 2001.

رابعا: الدعاية
هي اداة مهمة من ادوات الحرب النفسية، ولها ارتباط مباشر بالحروب التي تنشب بين البلدان.
والدعاية موجودة في اقدم دليل عمل للاستراتيجية العسكرية، وتهدف الى تدمير ارادة العدو وتجنب الصراع حتى النهاية والعمل على تحقيق النصر العسكري بأقل كلفة.
وفي السابق، كانت تستخدم الدعاية في القتال ليلا باستعمال الابواق والطبول على نطاق واسع لايهام العدو بكثرة العدد، اما في حالة القتال نهارا فترفع أعداد كبيرة من اللافتات والاعلام لكي تبهر عيون العدو للغرض نفسه.
ونأخذ مثالا على الدعاية الامريكية لاحتلال العراق، إذ ركزت الدعاية الامريكية على عدة مقومات اساسية منها التركيز على صورة جيش الولايات المتحدة المتطور وقدراته الخارقة في تحقيق الانتصارات السريعة، وقد حققت الدعاية غايتها هذه واستطاعت خلال ايام معدودة ان تحطم معنويات النظام الحاكم في العراق وتفكك قدرته العسكرية.
وتلعب الدعاية دورا مختلفا في تسويغ الاعمال التي تتخذها الانظمة الحاكمة وتلميع صورتها بالدرجة الاساس، لكي تسوّغ المواقف التي تتخذها تلك الانظمة، وبخاصة في تسويغ مسألة الاستعمار والتدخل في شؤون البلدان الاخرى.

نشرت في الولاية العدد 78