akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

أيهما تختار زوجةً مثقفةً أمْ تقليدية؟

67

عبد الرزاق عبد الحسين

أحد الأمثال الشعبية العراقية يقول (العين لا تحب الأرجح منها)، وتفسير منطوق هذا المثل واضح، فهو يعني أنّ الإنسان لا يحب أن يتفوّق عليه الآخرون، وهو يرغب أن يكون في المقدمة دائما، هذا التمايز قد يستغرق طريق شاق وطويل وربما يحدث خلاله أنواع الصراعات وفي أفضل الحالات التنافس، يُضاف إلى ذلك قد تدخل في أشواط الصراع أساليب مرفوضة وغير مشروعة، منها تشويه السمعة والحطّ من قيمة الندّ أو الغريم، وغير ذلك من الأساليب.

يتبادر تساؤل في مدار عنوان هذا المقال وهو: هل هناك نوع من الصراع أو المنافسة بين الرجل وزوجته، وهل يُعقَل أن الزوج يضع العصيّ في دولاب تقدم زوجته ويمنعها من التعلّم؟،

إذا بحثنا في واقع الزيجات داخل المجتمع العراقي، سوف نعثر على هذا النوع من المنافسة أو الصراع، فالزوج لا يقبل أن تتفوق عليه زوجته سواء في العلم أو العمل، وطالما أن التعلّم طريق الوصول إلى العلم، والأخير طريق التفوق العملي، فإنّ الزوج في هذه الحالة قد يسعى إلى تعويق تقدم زوجته علميا، وبالتالي سوف يتفوق عليها اقتصاديا وسوف يجعل منها تابعا له عبر الضغط الاقتصادي عليها، فمن لا يجيد العمل ولا يجد الفرصة لضمان وضعه الاقتصادي الفردي، سيقى بحاجة إلى من يضمن له احتياجاته، وهكذا ستبقى المرأة غير المتعلمة عاجزة عمليا واقتصاديا ثم تصبح تابعة للرجل وليست ندّا له!.

هل يوجد مثل هذا النموذج من الأزواج في مجتمعاتنا؟، الجواب بلى هو موجود، فهناك من الرجال يخشون تفوق زوجاتهم عليهم علميا، لأن المرأة المتعلمة يمكنها الحصول على عمل مربح وبالتالي ستضمن دخلا يوميا شهريا سنويا ينقذها من التبعية للرجل أيّا كانت صلته بها، فالمهم هنا أنها ستكون قادرة على إعالة نفسها وتتخلص من الطوق المضروب حولها بخصوص الحاجة لإدامة حياتها، وفي عودتنا للتساؤل أعلاه، ماذا ستكون إجابة الرجل؟

ربما هناك رجال كثيرون لا يرغبون بزوجات مثقفات متعلمات، حتى يضمن تبعيتها المطلقة له، ولكن هل فكّر هذا الزوج في نتائج اختياره لزوجة غير متعلمة، أو أنها راغبة بالتعلّم ومنعها عن ذلك كي يبقى المتفوق عليها وتبقى التابعة له بسبب جهلها أو عدم تعلّمها؟

هناك نتائج خطيرة تتمخض عن جعل المرأة في وضع الجاهلة أو الرافضة للتعلّم، أول هذه النتائج إسهامها بصناعة أسرة أو عائلة متخلفة، فالمرأة غير المثقفة وغير المتعلمة لا يمكن أن تربي أولادا مثقفين، ولا نقصد هنا الجانب التربوي أو الإيماني، فهناك نساء لم تتوفر لهنّ فرص التعليم لكن كان بمقدورهن القيام بتربية أولاد صالحين، إلا أن الشخصية الناجحة لا تقتصر على إنسان صالح لكنه مكبّل بالجهل وبعيد عن الثقافة، لهذا فإن الدور التربوي سوف يكون أفضل بأضعاف إذا جرى على يد أم أو امرأة متنوّرة ساعدها زوجها على التعلم وصنع لها هذه الفرصة بعيدا عن التخوّف من عقدة تفوّق المرأة على الرجل أو الزوجة على الزوج.

ماذا يربح الرجل إذا تزوج من امرأة متعلمة ومثقفة؟ سؤال مهم أيضا ينبغي الإجابة عنه بتروٍ، فعلى المستوى الأسري سوف تكون المرأة المثقفة مدرسة عظيمة لصناعة أناس مثقفين متنورين متعلمين يكون بمقدورهم المشاركة في صناعة مجتمع متعلم مثقف وناجح في إدارة تفاصيل الحياة المهمة، وسيكون التفوق السياسي والاقتصادي مضمون للأسرة وللمجتمع وللدولة أيضا، لهذا على الرجل أن يختار المرأة المثقفة المتعلمة وأن يسعى بكل ما يمتلك من وسائل وقدرات على مساعدتها كي تحصل على فرصتها التعليمية الثقافية التي تجعل منها في المقدمة دائما.

وتوجد أيضا أسباب أخرى لوضع المعوقات أمام تعليم المرأة وثقافتها، وحصر مهماتها داخل الأسرة فقط وهي أسباب متعددة تتجمع كلها لكي تنتج امرأة لا دور لها في بناء المجتمع، وهناك أزواج يحرّفون في معاني وتفاسير بعض النصوص الدينية كي يكبحوا توجّه الزوجة نحو العلم والتثقّف، في حين أن الإسلام وضع التعاليم التي تفتح أبواب العلم بلا عوائق أمام المرأة وحث على دورها الكبير والمتميز داخل المجتمع.

الصحيح إذاً تعاون الرجل مع المرأة كي تحصل على كامل فرصتها في العلم والثقافة، وما أجلّ وأعظم المرأة التي تؤدي دورها الأسري على أفضل وجه، وفي نفس الوقت يجعلها تحصيلها العلمي قادرة على تحقيق استقلالية اقتصادية تحميها من عنت الرجل وعقدته التي قد تدفعه لتحجيم دورها المزدوج، التربوي التثقيفي لأبنائها وضمان درجة كبيرة من التفوق لهم.