يكفي في كون الفعل اختياريّاً أمران:
الأوّل : مقدوريّته للفاعل بحيث يمكنه أن يفعل وأن لا يفعل .
الثاني : إستناده إليه بحيث يصدر من الفاعل لا عن قهر وقسر ، ولا يلزم في ذلك أزيد من هذين الأمرين .
وما اشتهر في الألسنة من أنّ الممكن لابدّ لوجوده في الخارج من علّة ممّا لا أصل له لو كان المراد ظاهره من عدم الانفكاك بينهما ، ولكن الظاهر أنّ مرادهم بذلك الممكن، حيث إنّ نسبته إلى الوجود والعدم على حدّ سواء وككفتي الميزان لا يوجد بالذات ، وإلاّ خرج الممكن بالذات عن كونه ممكناً بالذات ، بل لابدّ له من موجد يوجده ، أمّا كونه علة تامّة له بحيث لا ينفكّ عنه فلا ، فحينئذ فعل النفس ـ الذي سمّيناه بالإختيار أو إعمال القدرة أو حملة النفس أو المشيئة أو غير ذلك من الألفاظ :
عباراتنا شتّى وحسنك واحد***وكلّ إلى ذاك الجمال يشير
ـ فعل اختياري صادر عن النفس بلا واسطة في البين ، وهو مقدور لها بحيث يمكنها أن تعمل قدرتها وأن لا تعمل ، بخلاف سائر الأفعال ; فإنّها صادرة عن النفس بواسطة هذا الفعل الاختياري ، وهذا معنى قوله (عليه السلام) : «خلق الله الأشياء بالمشيئة ، والمشيئة بنفسها»([1])([2]) .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] الكافي 1 : 110 ، ح4 ، مع تقديم وتأخير .
[2] الهداية في الاُصول 1 : 207 ـ 208 .
اكثر قراءة