akdak

المقالات

قسم القانون

وفاة أحد الخصوم من اسباب انقطاع سير الدعوى المدنية

2930

سائد وحيد كامل حمد الله

الفقرة الأولى:- بالنسبة للشخص الطبيعي:

تنتهي الشخصية عادة بالوفاة التي تضع حدًا لحياة الانسان ووجوده، ذلك ان تحديد زمن الوفاة ضروري لمعرفة تاريخ زوال شخصيته، وتحديد تاريخ الوفاة امر سهل في الاحوال الطبيعية. الا ان هناك بعض الحالات التي يصيب الموت فيها عددًا من الاشخاص في وقت واحد دون ان يمكن تحديد زمن وفاة كل منهم بالنسبة للآخرين، وتلك هي حالات الكوارث كالزلزال والحريق، اذ انه إذا تعذر في هذه الاحول، تحديد من مات اولا فكأنهم ماتوا جميعًا في  وقت واحد(1) واذا كانت شخصية الانسان تنتهي بصورة طبيعية بوفاته، فانها تمتد بصورة اعتبارية وعلى سبيل الاستثناء إلى ما بعد الموت ريثما توفَّى ديونه وتُصفَّى تركته، اذ بانتهاء التصفية يزول كل اثر لشخصية المتوفى. ومما ينبغي الاشارة اليه ان الوفاة كواقعة مادية يجوز اثباتها بكل وسائل الاثبات، ومتى تثبت فان انقطاع سير الدعوى المدنية واقع بحكم القانون وهو اتجاه يتماشى مع مبدأ حماية حق الاطراف بمبدأ المواجهة. وفي حديثي عن الوفاة فانني لا بد ان اشير إلى الشخص المفقود والشخص الغائب. فالشخص المفقود هو الشخص الذي غاب وانقطعت اخباره ولا يُعّرف أَحي هو أم ميت، أما الشخص الغائب فهو: الشخص الذي غاب عن موطنه، ولكن حياته محققة لا يقوم حو ها الشك، وبالتالي فإن حالة الفقدان تنتهي إذا ما عاد الشخص إلى الظهور حيًا، أو إذا ما ثبتت وفاته بالدليل القاطع، حيث لا بد من الحصول على حكم قضائي يصرح بحصول الوفاة مع التنويه إلى  ان تاريخ الحكم هو ذاته تاريخ الوفاة، وبحدوث ذلك الامر ينقطع سير الدعوى المدنية(2)

الفقرة الثانية:- انقضاء الشخصية القانونية للشخص الاعتباري:

ذلك ان الشخصيات الاعتبارية الخاصة تزول شخصيتها اما بصورة طبيعية أو اختيارية أو اجبارية، وساتطرق إلى تلك الصور بايجاز لكي يكون الموضوع على درجة من الوضوح.

أولا:- الاندماج:

يعرف الاندماج: بانه اتحاد شركتين فاكثر ذات النشاط المتشابه لتكوين شركة واحدة، اما بهدف تحقيق معدلات انتاجية اعلى، أو تحقيق نوع من الاحتكار في مباشرة النشاط الذي  تزاوله(3) والاندماج بالمعنى القانوني على نوعين: الاندماج بطريق الضم، وذلك بحل شركة ونقل  ذمتها إلى شركة قائمة، والاندماج بطريق المزج، وذلك بحل شركتين وتاسيس شركة جديدة(4) وبتحقيق الاندماج فان الشخصية القانونية للذات المعنوية تزول، وبالتالي فان انقطاع  سير الدعاوي التي كانت تباشرها الذات المعنوية المنحلة يصبح امرًا حتميًا(5) الا أن ذلك -وحسب ما استقر عليه القضاء المصري- معلق، على ان من قرر الاجراء لصالحه لم يباشر  اجراءات الدعوى منذ تاريخ الاندماج، فمتى كانت دعوى قد رفعت على شركة تضامن واثناء السير بها اندمجت كليًا في شركة مساهمة الا ان الاجراءات بقيت تسيير باسم الشركة المندمجة، ولما صدر عليها الحكم الابتدائي تقدمت عليه باستئناف بوساطة محام خلاف المحامي الذي مثلها امام محكمة اول درجة، كما ان الشركة الدامجة هي التي مثلت عند تنفيذ الحكم ولم تعترض بعدم تمثيلها بالخصومة، ولما كانت هذه الاجراءات قد اتخذت بتواريخ لاحقة للاندماج الكلي تقطع بان الذي اتخذها فعلا هي الشركة الدامجة فانه لا يقبل منها التحدي بانقطاع سير  الخصومة بسبب الاندماج(6)

ثانيًا:- الانحلال:-

اذ ان نية المشاركة وتقديم الحصص من الاركان الموضوعية الخاصة بعقد الشركة بحيث لا تقوم الشركة بتخلف احدهما، وبالتالي فان لاي واحد من الشركاء ان يطلب فسخ عقد الشركة باستثناء الشريك الذي كان تصرفه سببًا مسوغًا للفسخ، الا ان انقطاع سير الدعوى المدنية لا يقع اثناء قيام المصفي باعمال التصفية، ولكن متى انهى المصفي اعمال التصفية فان الشخصية القانونية للشركة تزول نهائيًا، واذا ما اقيمت عليها دعوى بعد ذلك فتكون واجبة الرد  لاقامتها على شخص غير موجود(7)

ثالثًا:- الانقسام:-

ينتج عن الانقسام نشاة ذوات معنوية جديدة عوض الذات الحكمية المنقسمة، حيث تزول الشخصية القانونية لها بمجرد اشهار قرار الانقسام، وكلما تواصلت الشخصية للذات الحكمية فان تطبيق القواعد القانونية المتعلقة بانقطاع النظر في الدعوى المدنية لا يجوز، ذلك انها كطرف في الخصومة ما زالت لها أهلية التقاضي، وما عليها في هذه الحالة سوى طلب ادخال الذوات المعنوية الجديدة المنقسمة عنها لكي يصدر الحكم ضدها، وضد الذات المعنوية المدخلة، اما إذا تلاشت الشخصية القانونية الاصلية للذات المعنوية المنقسمة فان انقطاع النظر في الدعوى يصبح ممكنا بمجرد حصول ذلك السبب لاعتباره نافذًا بحكم القانون، ولاعتبار ان نهاية الذات  المعنوية الاصلية قد تحققت(8)

رابعًا:- الافلاس:-

يعتبر في حالة الافلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم  الثقة المالية به الا بوسائل يظهر بجلاء انها غير مشروعة، وهذا ما تنص عليه المادة ( 316) من قانون التجارة الاردني رقم ( 12 ) لسنة 1966 (9)، ويترتب على الحكم بشهر الافلاس ان  تنحصر الخصومة في وكلاء التفليسة، اذ ان الشركة تبقى محتفظة بشخصيتها القانونية طيلة فترة التصفية بالقدر اللازم للتصفية، وان كان ممثلها هو المصفي بدلا من مدير الشركة، ومتى تمت التصفية تزول الشركة نهائيًا كشخص معنوي، الامر الذي يجعل من الدعاوي المقامة منها أو عليها منقطع السير بها بحكم القانون.

________________

1- القاسم، هشام: المدخل إلى علم القانون، الطبعة الثانية. سوريا: مطبعة الاسكان العسكرية 1987 ، ص 309 .

2- قاسم، هاشم: المدخل إلى علم القانون، مرجع سابق، ص 309.

3- العكيلي، عزيز: الشركات التجارية، ج 4، ط 1، الاردن، مكتبة دار الثقافة، 1998 ، ص 101.

4-المرجع السابق، ص 103 .

5-  انظر قرار محكمة التمييز الاردنية رقم 182 / 94 صفحة 873/ 1995 والذي جاء فيه ما يلي: " اندماج الشركة المدعية وشركة اخرى ينشا عنه شخصية اعتبارية جديدة وتنقضي بذلك شخصية الشركة المدعية ولا تعود اهلا للتقاضي وبالتالي تكون الوكالة المعطاة للمحامي الوكيل قد انتهت ايضًا ولا يعود الجائز اتخاذ اي اجراء من اجراءات التقاضي في مواجهة الشركة لزوال شخصيتها تحت طائلة البطلان لانها اجراءات تمت في غير حضور الخصم اعتبارًا من تاريخ الاندماج ويكون التمييز المقدم من المحامي الوكيل مقدمًا ممن لا يملك حق تقديمه لان وكالته لم تعد تخوله تمثيل الشركة المميزة، ويتفق القانون مع حكم محكمة الاستئناف بفسخ الحكم المستأنف واعتبار جميع الاجراءات التي تمت بعد تاريخ اندماج الشركة المستانفة باطلة ولا يرد القول بان الطاعن لا يضار من طعنه اذ ان ذلك مشروط بعدم وجود سبب للبطلان متعلق بالنظام العام كانقطاع الخصومة اضافة إلى ان المميزة لا تضار من القرار المميز والذي قضى باعادة القضية إلى محكمة البداية للسير بها مجددًا حسب الاصول ".

6- شعلة، سعيد احمد: قضاء النقض المدني في اجراءات الدعوى، الطبعة الأولى، مصر: منشأة المعارف . 1999 الطعن رقم 213 سنة 21 قضائية جلسة 10/7/ بالاسكندرية..1955

7- انظر نص المادة 601 القانون المدني الاردني رقم 43 لسنة 1976 المنشور في الصفحة 2 من العدد 2645 من الجريدة الرسمية بتاريخ 1/8/ 1976 انظر كذلك المادة 196 /3، من قانون الشركات الاردني رقم 22 لسنة 1997 والمعدل رقم 17 لسنة 2003 . للمزيد انظر: العكيلي، عزيز: الشركات التجارية. الجزء الرابع. الطبعة الأولى. الاردن: مكتبة دار الثقافة. 1998 . ص76

8- انظر نص المادة 32 من قانون الشركات الاردني رقم 22 لسنة 1997 .

9-  نشر هذا القانون في ص 472 من العدد 1910 من الجريدة الرسمية الصادرة بتاريخ 30/3/1966م