akdak

المقالات

قسم الفكر الاسلامي

الرحمة الالهية والشرور

84

الشيخ حازم المالكي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الامين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 

للإجابة عن شبهة مفادها :-

(كيف ينسجم وجود الشرور كالزلازل والفياضانات والامراض مع الرحمة والحكمة الإلهية

والجواب يكون على شكل نقاط

 ١.لابد من الاعتقاد والجزم واليقين ان الله تعالى غني عن العالمين وعالم بهم وقادر على كل شيء وحكيم يضع الشيء في موضعه وهو عادل لايظلم الناس وهو رحمن رحيم رؤوف بعباده. إذن كل صفات الكمال موصوف بها. وصفات النقص مسلوبة عنه فلا يتصف بها. ١.لابد من الاعتقاد والجزم واليقين ان الله تعالى غني عن العالمين وعالم بهم وقادر على كل شيء وحكيم يضع الشيء في موضعه وهو عادل لايظلم الناس وهو رحمن رحيم رؤوف بعباده. إذن كل صفات الكمال موصوف بها. وصفات النقص مسلوبة عنه فلا يتصف بها

 

٢.انما هذه الأسئلة واجوبتها تكون اما للاطمئنان على العقيدة (ليطمئن قلبي) او لعروض استفهام او شبهة نريد أن نتوصل لحلها ولا ينبغي الاعتقاد بالسؤال ومضمونه  لانه يخرق النقطة الأولى فيكون المعتقد بالسؤال كافر. لأنه ينسب الظلم إلى الله جل وعلا والظلم صفة نقص لاتطلق على الله تعالى لأن اساس الظلم واصله فرع الحاجة والجهل والله هو عالم بكل شيء الغني الحميد غير محتاج لانه واجب الوجود كما ثبت في محله اذا عرفت هذا  نستمر في عرض النقاط

 

٣.ان الشرور أمور نسبية فهي في أصل وجودها خير لكن عندما تنسبها لشيء اخر قد تكون شرا بالنسبة لذلك الشيء

 

مثال يد الإنسان  الان السليمة الصحيحة  هي خير لكن عندما يبطش بها على مظلوم تكون شرا بالنسبة للمظلوم او يسرق بها تكون شرا بالنسبة للمسروق

 

ومثال انياب الافعى هي خير بالأصل للافعى لكنها شر بالنسبة لاعدائها

 

فما تقول به انها شرور هي خير باصلها وشرور بالنسبة لغيرها وكذلك فإن الزلازل هي شر بالنسبة لبعض الناس لكنها في الاصل هي خير للارض وقشرتها كما يذكر العلماء ويؤكدونه إذ لولاها لانفجرت الأرض كلها

 

٤.هناك قوانين طبيعية تحكم هذا العالم وفق نظام الأسباب والمسببات والعلة والمعلول ولو خرق هذا النظام لعمت الفوضى.على سبيل المثال شروق الشمس وغروبها واوقاتها المنتظمة فلو تغير ذلك عمت الفوضى لا نعرف متى النهار ومتى الليل والنار محرقة فلو وضع الإنسان يده سوف يحترق والسيارة اذا كانت مسرعة واصطدمت بشخص فانها تهلكه والذي يطعن بالسكين يؤدي إلى الجرح والذي يتجرع السم فسوف يتاذى والذي يرتمي من شاهق فسوف يموت وهكذا فلو خرق هذا النظام تصبح فوضى  وتعطيل لسير الحياة إذ الناس تعبر الشارع بدون ضابط لأنهم لايصطدمون والسكين لاتشرط جسم الإنسان إذا أردنا إجراء عملية له لإنقاذ  والسارق لايتاذى اذا قفز من العمارات الشاهقة والذي يشرب السم لايعلم بضرره على الجسم لانه لايتاذى.فإن هذه الزلازل والفيضانات لا تخرج من هذا النظام فلها أسبابها الطبيعية فكيف تفسر معرفة العلماء بها مسبقا ما ذلك الا لأنهم يعرفون أسبابها وعللها وقوانينها فهي ليست شرور وإنما قوانين تحكم الطبيعة.

 

٥.انما وصل الانسان إلى بعض العلوم التي كان يجهلها بفضل هذه العلامات والآيات فكما يقولون الحاجة ام الاختراع فيطور الإنسان نفسه ويخترع ويقدم ما يناسب ذلك من العلوم والآليات لكي يجعل هذه الأمور بخدمته فهو نوع من تكامل الناس وازدهاره المادي والمعنوي فإن الله تعالى أعطىللإنسان عقلا يفكر به ويستخدمه في كافة المجالات في أمور حياته ورقيه وتكامله وتطوره نحو الافضل وسخر له كل شيء في سبيل ذلك.

 

٦.ان الذي يقع من مصائب وكوارث للإنسان هي من جراء ذنوبه و أعماله فقد ظهرت وبكثرة الموبقات والمعاصي والفساد وهي معادلة ذكرها الله تعالى في محكم كتابه الكريم : ( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)

 

و قال الله تعالى : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ)

 

لو تأملنا واقعنا نصاب بالدهشة والاستغراب والخوف لما نراه اليوم من انتهاك حرمات الله والتعدي على حدود الله تعالى وتضييع اوامره

 

ومن المصائب العظام هجر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعدم التواصي به والقيام بحقه ، مع انه صمام الأمان للحياة و للمجتمع.

 

فما نراه من مصائب وشرور هي من جراء أعمال الإنسان نفسه.

 

٧.هذه العلامات لتقوية العلاقة بين الإنسان وربه ولتمتين الروابط مع الله تعالى فينبغي التوبة والمبادرة إليها عند ظهورها لأنها من علامات تحذير الإنسان وتخويفه وان يرجع إلى الله تعالى ولايستمر في عمل الموبقات وان لايطغى فمهما طغى وتكبر وتجبر فهناك قوة اكبر وأعظم منه

 

فلا تذهب بالانسان المذاهب بأنه خالد أو لايقدر عليه احد او يتجبر او يطغى. بل ان هناك رب يمهل ولايهمل ويرسل العلامات والدلائل ترهيبا وترغيبا.

قال تعالى : ( وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا ) وقال عز وجل : (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ). فهي شاهد وشهيد على وجود قوة عظيمة قاهرة قادرة.

 

فالذي يلطف بنا فيرسل إلينا ما يحذرنا لنتجنب المعاصي والشر والكره والحقد ويرسل إلينا من يبشرنا لنعمل الطاعات والخير والمحبة والوئام لابد أن نرجع اليه ونتوب اليه والأكثار من ذكره والاستغفار والتسبيح له ونحمده على ذلك. والعجب كل العجب لمن يجعل هذه الآيات والعلامات مثار التشكيك والجدال فانظر كيف يصل الإنسان بغيه وتعنته، وانظر إلى لطف الله ورحمته وكرمه قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ).

 

و الحمد لله رب العالمين.