akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

الشباب وبداية النجاح

56

الشيخ سلام عبد علي الظالمي

النجاح الحقيقي هو المعاملة:
امير المؤمنين عليه السلام يقول: (الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، والانسان اجتماعي بفطرته والشباب كثيرا ما يكون قليل التجربة وأحيانا لا يجيد التعامل مع الاخرين اذا اخطأ في المعاملة فينظر له المجتمع نظرة سيئة واذا تجنب معاملة الناس قالوا عنه متكبر او انطوائي وفي كل الاحوال يحتاج لمعاشرة الناس والجلوس معهم.
فكيف للشاب ان يفهم الناس وكيف يحسن معاشرتهم وكيف يمتلك قلوب من حوله؟ بل كيف يجذبهم اليه؟
القاعدة الاولى:
اهم الامور التي على المجتمع بشكل عام والشاب بشكل خاص ان يعتني بها هو ان يقوي علاقته بالله عز وجل، فإذا اصلح الانسان علاقته بخالقه هان كل شيء عليه فصاحب العلاقة المخلصة مع الله حتما ستكون علاقته مخلصة ومنظمة مع الناس يقول امير المؤمنين عليه السلام (من اصلح ما بينه وبين الله اصلح الله ما بينه وبين الناس ومن اصلح امر اخرته اصلح الله امر دنياه، ومن كان له من نفسه واعظ كان عليه من الله حافظ). فالأمر الذي يجب ان يدرك ان علاقة الانسان مع ربه هي اساس كل العلاقات، فالذي له ارتباط بالله عز وجل يكون ارتباطه بالناس قائماً على اسس التقوى فالعلاقة مع الناس مرتبطة بالعلاقة مع الله، فمن لم يحسن علاقته بخالقه لا يحسن علاقته بالآخرين فجزاء الارتباط بالله تنظيم الحياة وحسن المعاشرة وكل حياته ستكون منطلقة على اسس سليمة مبنية على مراد الله.
كيف اتجنب الاخطاء:
وطبيعي ان الذي يخطئ تجاه خالقه سيخطئ تجاه الاخرين فسوء الارتباط بالله يجعل علاقة الانسان مع مجتمعه سيئة فكلما حصن الانسان نفسه من الاخطاء -الامور المحرمة- حسنت معاملته مع الناس.
فالشاب الذي لا يريد ان يقترف خطأ مع اهله او مع جيرانه او مع اصدقائه ومجتمعه بشكل عام عليه ان يحصن نفسه اولاً من الذنوب صغائرها وكبائرها لأن التسديد الإلهي مقرون بالتقوى فالانسان المتقي لربه يسدد وهذا امر قطعي وان كان بسيط المعارف والخبرات الا ان الله تعالى يجعله حكيما في تصرفاته، ورد في الحديث القدسي: (عبدي اطعني تكن مثلي تقول للشيء كن فيكون).
وما اشد حاجة الانسان الى الالتزام بما امر الله به لأن القانون الالهي عبارة عن دستور ينظم حياة الانسان ماديا ومعنويا فاذا التزم الانسان بهذا الدستور سيصلح حاله بكل جوانبه.
فهذا الامام زين العابدين يقول: حق الله اكبر عليك ان تعبده ولا تشرك به شيئا فاذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه ان يكفيك امر الدنيا والاخرة.
كيف اتعامل مع نفسي:
مثلما يحتاج الانسان لصلة بغيره فهو بحاجة لصلة مع نفسه، فرب سائل يسال وهل هناك ما يفصل بين الانسان ونفسه؟ النفس عبارة عن دابة جامحة هكذا شبه علماء الاخلاق النفس فهم يقولون انها تشبه الدابة المستعصية التي تريد ان يطلق لها العنان فتعمل ما تشتهي، فالدابة بحاجة الى اللجام الذي يصدها عن الانقلاب والانطلاق هكذا هي نفس الانسان كهذه الدابة تحتاج الى لجام كي يصدها الانسان عن طرق الضلال والهوى ولجام النفس الترويض الم يقل المعصوم (هي نفسي اروضها) ونحن نعلم ان المعصوم لا يقترف الخطأ لا عمدا ولا سهواً فكيف وعلى ماذا يروض نفسه؟
انما كلام المعصوم لنا نحن كي نتعلم كيف نروض انفسنا وكيف نمتنع عن اطلاق العنان لها، رسول الله صلى الله عليه واله يقول: (أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك) كيف تكون النفس عدواً؟ اذا اطلق لها العنان وذهبت بالانسان الى مهاوي الردى فتكون قد خسّرت الانسان اخرته ودنياه وهنا تكون عدواً حقيقياً.
فاصاحب نفسي عندما اروضها على الحدود الشرعية وعندما ازجرها. يقول تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) -الشمس/7-10-
فالإنسان الذي يجعل عقله حاكما على شهواته تزكو نفسه وتطهر ويكون قد سلك الطريق الصحيح فالإنسان في بيته او في عمله او في الشارع او في أي مكان اخر يمكن ان يختبر نفسه فيرى علاقته بالله اولا كيف هي؟ ثم علاقته بنفسه كيف هي؟ ثم علاقته بالناس كيف هي؟ فان صلحت علاقته بالله ستكون علاقته بنفسه قد صلحت وبالتالي صلحت علاقته بالآخرين وهنيئا لمن زكى نفسه وسلك طريق الصواب.

نشرت في الولاية العدد 85