akdak

المقالات

قسم الفكر الاسلامي

خليفه الله

180

ايه الله السيد علي العلوي

﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ (البقرة: 30).

بعد أن خلق الله تعالى الكائنات وخلق الأرض بالذات،وأخيراً خلق آدم عليه السلام. أوحى إلى ملائكته بقوله ﴿ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ﴾ ويعني بذلك آدم عليه السلام.

هنا يمكن يوجه سؤال وهو: لماذا جعل الله تعالى هذا المخلوق خليفة في أرضه؟

ولو أننا أردنا البحث والتحقيق في هذا الباب لطال بنا المقام وضاق بنا المجال، ولكننا نتكلم في بعض خصوصياته فنقول: بما إننا نعتقد إنّ الله تعالى حكيم ولا يعمل عملاً عبثاً،فكان خلقه لهذه الكائنات بما فيها الأرض وآدم بالذات هو أن يُعرف، كما جاء في الحديث القدسي المشهور (كنت كنزاً مخفياً فخلقت الخلق لكي أعرف).

ولو قيل إنّ الله تعالى لم يهب لسوى الإنسان العقل، فكيف يعرفه تعالى سوى الإنسان؟

نجيب: بأنّ الإنسان يدرك الإدراك الكلي بواسطة عقله، ولكن سواه لم يدرك ذلك الإدراك الكلي، وإنّما يكون إدراكه جزئياً كالحسيات والوهميات والخياليات، وهذه الدرجات الثلاثة هي التي يشترك بها الإنسان والحيوانات.

ثم أنّ الإنسان من هنا يفترق عن بقية قسمه، وغير الإنسان أما قليل العقل أو معدومه كالحيوانات  وغيرها، ولكن يمكن للجميع معرفة الله بدليل الآية الكريمة. ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ (الإسراء: 44). ومن هذا يثبت أن كل من في الوجود يمكن أن يعرف الله تعالى بل وخلق لأجل معرفة الله.

ثم إنّ هذه المخلوقات تحتاج إلى من يدير شؤونها،ويفيد ويستفيد منها مباشرة، ولو أنّ الله تعالى هو المدبّر الحقيقي لا غير، لكنه لا يكون مدبراً مباشراً، بل هو علة التدبير والمدبر، ولا يكون محتاجاً لأن يستفيد أو يفيد.

فلذا تعلقت حكمته بخلق آدم وجعله خليفة له في أرضه ليكون آمراً وناهياً وحاكماً ومدبراً لجميع شؤون الحياة، وذلك وفق إرادة المولى جل وعلا شأنه،وليشكر الله تعالى على ما أولاه من نعمة القيادة، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا.

ثم هناك بالنسبة لأدم وذريته آية أخرى تدل على أنّ الإنسان هو القائد الأعلى لجميع مخلوقاته، وهي هذه الآية الكريمة. ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ (الإسراء: 70) بماذا كرّمه؟ كرّمه بأنّه فضّله على جميع مخلوقاته بإيهابه العقل، وصير الإنسان بعقله أشرف المخلوقات، ومكّنه أن يسخّر جميع ما عداه من المخلوقات السماوية كالكواكب سواء كانت السيارة منها أم الثوابت والشمس والقمر وما إلى ذلك من الأجرام، أو الأرضية كالحجر والشجر والدواب، وبما أنّ الإنسان قد يقصر عقله في كثير من الأحيان على الوصول إلى ما يرام أنزل الله تعالى عليه بالوحي والإلهام دستور الأحكام والنظام، وأمره باتّباعه وتطبيقه على الخاص والعام، وأرسل الأنبياء العظام أولهم آدم عليه السلام وآخرهم نبينا خير الأنام صلی الله علیه وآله ومن بعده الأئمة الكرام،الذين ثبتوا اُسس الإسلام، والإسلام وحده هو سبيل السعادة والسلام.

لو نظرنا إلى العالم اليوم لرأينا النظام السائد هو أحد إثنين، أمّا الرسمالية وأما الإشتراكية.

فلننظر إلى الأولى: ماذا تهدف؟ وماذا أنتجت؟

أمّا هدفها فهو أن يوصل الإنسان إلى السعادة من طريق الحكم للفرد،بمعنى أن الفرد يعمل ما يشاء وباي شكل يريد، مثلاً: له الحق أن يشتري ويحتكر جميع القمح الموجود في العالم ويحرقه ويبقى عنده كيلو واحد بالفرض، ثم يطلب عليه آخر ما يمكن من الطلب. وبهذا يكون الإنسان سعيداً حسب زعمه.

ماذا أنتجت:

جعلت الإنسان أن لا يرى إلّا منافعه الشخصية، وخلقت فيه روح الحقد والحرص والحسد، وأفقدته الحب والحنان والإحسان للآخرين، هذا ما كان من أمر الرأسمالية بصورة موجزة.

أما الإشتراكية:

فتريد أن تدير دقة الحكم بحكم إقتصادي دكتاتوري بأن تجعل جميع الموجودات ملكاً للدولة، وليس لأي إنسان أي حق في أي تصرف مهما كان شكله، وجعلت الإنسان كالآلة الصمّاء وكأفعال المطاوعة (دحرجته فتدحرج) وكأن لا تعترف ولا تعرف مفهوماً للدوافع النفسية والإحساسات الإنسانية وتظن أن بها سيسعد الإنسان!

الناتج:

إخلاء المزارع من الغلات والحبوب، ودفن المواهب عند الإنسان، وإستيراد المواد الغذائية بالأخص القمح. بعدما كانت تصدر، وذلك في (السوفيت) البلد الذي يريد تطبيق النظام الإشتراكي على إنحرافاته.

أين نذهب بعد فشل النظامين السائدين في العالم اليوم؟

أين يذهب العالم بعد هذا الفشل الذريع الفضيع؟

أن أمريكا أخذت تستجدي الإشتراكية من الماركسية لافلاسها مما يكفيها لو كانت نظاماً في بلادها.

وأنّ روسيا أخذت تتراجع من خطها وتقر بالملكية الفردية.

لنقف على قارعة الطريق ولنسمع صوت الحق المجلجل في سماء هذا العالم  المضطرب وهو يردد.

ألّا، من أراد النظام الكامل الشامل الذي لا تنفذ قيمه فليرجع إلى الإسلام.

ألّا، من أراد المجد والرقي فليرجع إلى الإسلام، فإنّه سلم الإرتقاء إلى السعادة والهناء.

ألّا، من أراد البقاء والخلود فليرجع إلى الإسلام دين الله الخالد.

فإنّ الإسلام لا هذا ولا ذاك،لا الفرد يطغى على المجتمع،ولا هو يفنى فيه.

بل أمر بين الأمرين.

في الإسلام: الناس مسلطون على أموالهم ـ بحار الأنوار ـ الجزء 2 ص272.

في الإسلام: الإحتكار محرم.

في الإسلام: ما رأيت نعمة موفورة إلّا وبجانبها حقّ مضيع.

في الإسلام: من سرق من مال غيره ولو كان درهماً فطعت يده.

في الإسلام: ﴿ وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾ (الذاريات: 19).

في الإسلام: وفي الإسلام. هلموا إلى الإسلام.

﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ ﴾ (آل عمران: 85).

صدق الله العلي العظيم