akdak

المقالات

قسم الرجال والحديث

المجاهد البطل اویس القرني

123

عبد الهادي جيوان

بسمه تعالى

ليبدأ التاريخ بالكتابة لنا وليته لم يكتب لأن أغلبية الذين كتبوا ممن ساير الحُكام وراء المنصب والأموال وهؤلاء ما أنفكوا من أسر المالكين والحاكمين نسطر لهم رغباتهم وأن أقتضى الأمر قلب الحقائق، وهذا ما حصل في اككثير والعديد من الكتاب والمؤرخين المأجورين الذين يتحملون بين طياتهم الحقد واللئم والأنانية والعداء للإسلام، الخالية من التحقيق والتدقيق، كما لم يحتضن قولهم الدليل في جميع أحواله.

وكانوا يعتمدون على الكذب والإفتراء.

ولكن شاء الله سبحانه وتعالى أن يقبض لها رجالاً شرفاء يشمرون عن سواعدهم  ويغوصوا في أعماق التأريخ ويعيدوا دراسته بشكل واعٍ وصحيح وبموازين ثانية.

المجاهد البطل أويس القرني

أويس القرني بن آنيس المرادي الشهيد بالقرني نسبة إلى أحد أجداده وهو قرن بن روحان بن ناجية بن مراد من أهل اليمن.

كان أويس القرني أحد الزهاد الثمانية، وكام من سادات التابعين وممن شهد له رسول الله‘ بالجنة، ولم يرى النبي الأكرم‘ وكم يحظ بلقائه ومجالسته.

روى في بعض كتب الفضائل عن رسول الله‘ أنّه قال: واشوقاه إليك  يا أويس القرني، إن غاب عنكم لم تفقدوه وإن ظهر لكم لم تكثر ثوابه، يدخل الجنة في شفاعته مثل مضر وربيعة.

يؤمن بي ولا يراني، ويُقتل بين يدي خليفتي أمير المؤمنين× في صفين كان مجاهدنا البطل أويس القرني يقاتل بسيفين حتى قتل العديد من أعداء الله من جيش معاوية ونال الوسام الرفيع والشريف وسجل له التأريخ بحروفه الذهبية أشرف المواقف وأعظمها، يا له من شخصية، بُشر بالجنة من قبل سيد الأنبياء المصطفى محمد‘ ونال وسام الشهادة والشرف بين يدي وصي رسول الله‘ الإمام علي بن أبي طالب× روي عن أويس أنّه سأله رجل كيف حالك؟ فأجابه كيف حال من يصبح يقول لا أُمسي ويُمسي يقول لا أصبح يُبشر بالجنة ولا يعمل عملها، وينحدر الناس ولا يترك ما يوجبها ثمّ قال: والله إنّ الموت وغصصه وكرياته وذكر هول المطلع وأهوال يوم القيامة لم تدع للمؤمن في الدنيا فرحاً، وأنّ حقوق الله تعالى لم تبقي لنا ذهباً ولا فضة، وأنّ قيام المؤمن بالحق في الناس لم يدع لنا صديقاً فتأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيشتمون أعراضنا ويرموننا بالجرائم والمعايب والعظاييم، ويجدون على ذلك أعواناً من الفاسقين أنّه والله لا يمنعنا ذلك أن نقوم فيهم بحق الله تعالى شأنه.

صار أويس من حواري أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×.

روي عن الإمام موسى بن جعفر÷، إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ أين حواري علي بن أبي طالب× وصي محمد بن عبيد الله‘؟

فيقوم عمر بن الحمق الخزاعي، ومحمد بن أبي بكر، وميثم التمار وأويس القرني وفي حلية الأولياء يشده عن أبي هريرة في حديث يصف فيه الاضياء والأخصاء الأبرياء، قالوا يا  رسول الله‘ كيف لنا برجل منهم قال× ذاك أويس القرني: قالوا وما أويس القرني؟

قال‘: أنّه أشهل ذو صهوبة يعيد ما بين المنكبين معتدل القامة آدم شديد الأومة ضارب بذقنه إلى صدره، رام بذقنه إلى موضع سجوده واضع يمينه على شماله، يتلو القرآن الكريم، يبكي على نفسه، ذو طمرين، لا يؤيَهُ له مئزر بأزار صوف ورداء صوف مجهول عند أهل الأرض معروف في السماء، لو أقسم على الله لابّد قسمه ألا وأن تحت منكبه الأيسر لمعة بيضاء ألا وأنّه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد وشيعة أمير المؤمنين× ومحبي أهل البيت^ أدخلوا الجنة، ويقال لأويس القرني قف فشفع فيشفعه الله عز وجل في مثل مضر وربيعة.

وفي مناقب إبن شهرآشوب، عن ذكر حرب صفين، حيث أتى أويس القرني مثقلاً بسيفين ويقال كان معه مرماة ومخلاة من الحصى فسلم على أمير المؤمنين× وودعه وبرز مع رجاله ربيعة ضد أعداء الله جيش معاوية، وصال وجار وقتل منهم مقتله عظيمة، حتى إستشهد فصلى عليه الإمام علي بن أبي طالب× ودفنه، ويذكر تأريخ دمشق لإبن عساكر، وميزان الإعتدال، أنه إستشهد بصفين مع الإمام علي× وفيه نيف وأربعين جراحه من طعنه وضربة ورمية  سلام الله عليك يا أويس وعلى أصحابك الذين إستشهدوا معك في صفين وحشركم مع إمامكم أمير المؤمنين× أنه سميع مجيب.

أويس القرني اليمني هو ذلك الشخص العابد الزاهد المستشهد في معركة صفين سنة 37 هـ وإنّ الكثير من القبائل والشخصيات سكنوا الكوفة وإستوطنوا بها، بعد أن إتخذهما الإمام علي× عاصمة للخلافة الإسلامية بعد معركة الجمل، وكان لليمن السعيد دولاً مهماً في أحداث ظهور الإمام المهدي المنتظر# حيث تخرج من هناك إحدى الرايات المساندة للإمام× وهي راية اليماني جعلت الله من أنصار الإمام#.

ولشدة إيمانه وتفقّهه بالدين وبمعرفته بالعقيدة درس عنده طلبة وتعلموا منه علوم الفقه والعقيدة والإيمان وكان من بين هؤلاء حسب ما ذكر بعض المؤرخين والكتاب. هو ذلك الرجل اليماني المدفون في النجف الأشرف والذي يعود تأريخه إلى عام 36 ـ 40 هـ «هو أكتيب اليماني والمعروف بصافي الصفا».

كان من ملوك اليمن وزعيماً من زعمائهما وكان شريفاً حسيباً مطاعاً يمتلك من العبيد والأموال، متفانياً في حبه للإمام علي× وأنّه كما أسلفنا من تلامذة الصحابي الجليل أويس القرني.

علماً إنّ الإضطرابات التي أوجدها معاوية وأعوانه في اليمن وملاحقة شيعة الإمام علي× فنهبت وأفسدت وقتلت الكثير من الأبرياء ذلك هو الحقد الأموي على محبي وشيعة الإمام علي× حيث بذل معاوية الأموال وأعطاهم الجاه والمناصب وذلك لملاحقة شيعة الإمام× والقضاء عليهم. ولكن هيهات أن يفلح بذلك وكانت عاقبته الخسران والهوان والسكون  في جهنم.

كان أويس القرني باراً بأمه وكانت تححبه ويحبها حباً شديداً فطلب منها يوماً للذهاب إلى المدينة (مدينة رسول الله) لرؤية النبي‘ فقبلت ولكن لمدة ثلاثة أيام الذهاب من اليمن إلى المدينة يوم واحد والبقاء يوم والرجوع يوم فشد الرحال ووصل إلى لمدينة وسأل عن النبي‘ كان في غزوة ولم يستطيع البقاء وذلك لا يدري متى يرجع النبي‘ والأمر الثاني أعطى قول لأمه بالرجوع، فرجع مهموماً بعدم رؤيته للنبي‘ يقول الراوي بعد أن رجع النبي‘ من الغزوة قال‘، إني لأشم رائحة الجنة (والله أنها لرائحة أويس القرني) فتعجب من كان مع النبي‘ وذلك لعظم شخصية أويس بشارة النبي‘ له بالجنة وبشارته بالبيعة لإبن عمه علي بن أبي طالب× والشهادة بين يديه وأضاف‘ أنه ليشفع يقدر مضرر وربيعة وأنّه لو دعا الله سبحانه وتعالى لم يرد دعائه إلّا بقضاء الحوائج.

فسألوه أن يدعو لكم هذا أويس.

روى الشيخ المفيد في الإرشاد أنه قال أمير المؤمنين× بذي قار وهو جالس لعقد البيعة: «يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجل يبايعوني على الموت».

قال إبن عباس فجزعت لذلك وخفت أن نقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه فيفسد الأمر علينا ولم أزل مهموماً وأبي بأحصاء القوم حتى ورد  أوائلهم فجعلت أحصيهم فأستوفيت عددهم تسعمائة وتسعة وتسعون رجلاً ثم إنقطع فجيء القوم، فقلت: إنّا لله وإنا إليه راجعون ماذا حمله على ما قال؟ فبينما أنا أفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتى إذا دنا وإذا هو رجل  عليه قباء سوف معه سيف وترسه وأدواته فقرب من أمير المؤمنين× فقال له أمدد يدك أبايعك، فقال أمير المؤمنين×، علام تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتى أموت أو يفتح الله عليك فقال×: له ما أسمك، قال أويس، قال× أنت أويس القرني قال: نعم قال  «الله أكبر أخبرني حبيبي رسول الله‘ أني أدرك رجل من أمته يقال له أويس القرني يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة ويدخل في شفاعته مثل مضر وربيعة قال إبن عباس فسرى والله عني».

ويذكر تأريخ دمشق لإبن عساكر، وميزان الإعتدال: أنّه أخبر رسول الله‘ أصحابه بأنّ باب السماء مفتوحة فاطلبوا ما شئتم فأخذ الجميع يدعوات بأنواع الدعاء (طلب الدنيا) وبعد ما إنتهوا من طلباتهم كما أسلفنا البيوت والمال ولحلال والبنون والبساتين وغيرها.

قال رسول الله‘: لو كان أويس القرني لقالها؟ فقالوا يا رسول الله ماذا يقول أويس فقال لهم‘ اتركوا الأمر، فيعد رحل الرسول‘ وجرى ما جرى على العترة الطاهرة من سلب الخلافة وإقتحام بيت الله المقدس (بيت الزهراء’) والإعتداء على الصديقة الطاهرة كسر ضلعها وإسقاط جنينها و... جاء أويس القرني رأى عدة أشياء أمامه فلم يصبر رأى أبو بكر الصديق على منبر رسول الله‘ فنظر إليه وقال من الذي أجلسك على كرسي رسول الله‘ وإبن عمه موجود  وقد بايعتموه قبل شهرين بحضور النبي‘ والله لن ولم أبايعك فأنكر الخلافة عليه، وأنّه يُعد من المجموعة الذين لم يبايعوا على المنكر.

وسألوه عن قول النبي‘ لو كان أويس لقالها: فسألوه ماذا تقول لو كنت معنا: فقال: ألم يطلب أحدكم من الله أن يبقي لنا رسول الله‘ خالداً إلى يوم القيامة؟ فتعجب الجميع من ذهنية أويس القرني.

كان راعياً لإبله وكان الناس يتوسلون به أن يستغفر لهم ويدعو لهم، وفي زمن عثمان بن عفان لم يشارك بحرب معهم، وكان يأمر بالمعروف ونهى عن المنكر كان يحب الفقراء وكان يبذل كل أمواله عليهم حتى قال لا أملك لباس فقط الذي على يدي ولا أملك غذاء ولا أموال كلها بذلها في سبيل الله.

فبقي معتزلاً إلى أن بويع الإمام علي× خمسمائة شخص على الموت في صفين فجاء أويس القرني فقال يا أمير المؤمنين× «أبعايك يا أمير المؤمنين على الموت على أن أبذل مهجتي دونك».

لقد منى الله سبحانه وتعالى على أنبياءه وأوصياءه بالدعاء وهو الوسيلة الأولى والمهمة، وهم بدورهم بعد أن أكرمهم الله سبحانه وتعالى به يكرمُ به ويعطوه  ويعلموا أصحابهم وحواريهم ومحبيهم المقربين، كثير من الأنبياء علموا أصحابهم الدعاء في المهمات الصعبة وفي الإمتحانات التي يواجهوها كما ذكر القرآن لنا كالنبي يوسف ويونس والأئمة الأطهار، كدعاء كميل علمه الإمام علي× لكميل ودعاء أبو حمزة، ودعاء علقمة وغيره من الأدعية، وبالذكر والمناسبة ويذكر الصحابي الجليل أويس القرني لقد علمه الإمام علي× كم نوع من الأدعية نذكر منها واحد.

دعاء أويس القرني

ومن ذلك دعاء آخر لمولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×

علمه أيضاً لأويس القرني حدث أبو عبد الله الدنيلي [الديملي] يرفع الحديث إلى أويس القرني عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال قال رسول الله‘ وعلى أهل بيته ما من عبد دعا بهذا الدعاء إلّا إستجاب الله له وحلف النبي‘ دفعات كثيرة أنه لو دعى به على ماء جار لسكن ولو دعا به رجل قد بلغ به الجوع والعطش لأطعمه الله وسقاه ولو دعى به على جبل أن يزول من موضعه لزال ولو دعا به لأمرأة قد عسر عليها ولادتها لسهل الله عليها ولادتها ولو دعا به رجل في مدينة والمدينة تحترق ومنزله في وسطه لنجا ولم يحترق منزله ولو دعا به رجل أربعين ليلة من ليالي الجمع غفر الله له كل ذنب بينه وبين الآدميين وما دعا به مغموم أو مهموم  لأفرج الله عنه وما دعا به رجل على سلطان جائر إلّا إستجاب الله تعالى له فيه وله شرح طويل إقتصرنا منه الدعاء:

بسم الله الرحمن الرحيم « اللهم صل على محمد وال محمد: اللهم إني أسألك ولا أسأل غيرك وأرغب إليك ولا أرغب إلى غيرك أسألك يا أمان الخائفين وجار المستجيرين أنت الفتاح ذو الخيرات مقيل العثرات ماحي السيئات بأفضل المسائل كلها وأنجحها التي لا ينبغي للعباد أن يسألوك إلا بها ياالله يا رحمن وبأسمائك الحسنى وأمثالك العليا ونعمك التي لا تحصى وبأكرم أسمائك عليك وأحبها إليك وأشرفها عندك منزلة وأقربها منك وسيلة وأجزلها مبلغاً وأسرعها منك إجابة وباسمك المخزون الجليل الأجل العظيم الأعظم الذي تحبه وترضاه وترضى عن من دعاك به فاستجبت دعائه وحق عليك ألا تحرم سائلك وبكل أسم هو لك في التوارة والإنجيل والزبور والفرقان، وبكل اسم هو لك علمته أحداً من خلقك أو لم تعلمه أحداً وبكل اسم دعاك به حملة عرشك وملائكتك وأصفياؤك من خلقك وبحق السائلين لك والراغبين إليك والمتعوذين بك والمتضرعين لديك وبحق كل عبدِ متعبد لك في بر أو بحر أو سهل أو جبل أدعوك دعاء من قد اشتدت فاقته وعظم جرمه وأشرف على الهلكة وضعفت قوته ومن لا يثق بشيء من عمله ولا يجد لذنبه غافراً غيرك ولا لسعيه سواك هربت منك إليك معترفاً غير مستنكف ولا مستكبر عن عبادتك يا أنس كل فقير مستجير أسألك بأنك أنت الله لا إله الا انت الحنان المنان بديع السماوات والأرض ذو الجلال والإكرام عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم أنت الرب وأنا العبد وأنت المالك وأنا المملوك وأنت العزيز وأنا الدليل وأنت الغني وأنا الفقير وأنت الحي وأنا الميت وأنت الباقي وأنا الفاني وأنت المحسن وأنا المسيء وأنت الغفور وأنا المذنب وأنت الرحيم وأنا الخاطئ وأنت الخالق وأنا المخلوق وأنت القوي وأنا الضعيف وأنت المعطي وأنا السائل وأنت الأمين وأنا الخائف وأنت الرازق وأنا مرزوق وأنت أحق من شكوت إليه واستغثت به ورجوته لأنك كم مذنب قد غفرت له وكم من مسيء قد تجاوزت عني وارحمني وعافني مما نزل بي ولا تفضحني بما جنيته على نفسي وخذ بيدي وبيد والدي وولدي وارحمنا برحمتك يا ذا الجلال والإكرام.