akdak

المقالات

القسم الولائي

الدوافع والأسباب لإبعاد الإمام علي (عليه السلام) عن منصبه

322

---------

 

يقول النقيب كما ورد في شرح نهج البلاغة مستعرضاً لجملة الدوافع والأسباب في إبعاد الإمام علي (عليه السلام) عن الخلافة:

«والقوم الذين كانوا قد غلب على ظنونهم أن العرب لا تطيع علياً فبعضها للحسد، وبعضها للوتر والثأر، وبعضها لإستحداثهم لسنة، وبعضها لإستطالته عليهم ورفعته عنهم، وبعضها كراهة إجتماع النبوة والإمامة في بيت واحد، وبعضها للخوف من شدة وطأته وشدته في دين الله، وبعضها خوفاً لرجاء تداول قبائل العرب الخلافة إذا لم يقتصر بها على بيت مخصوص عليه فيكون رجاء كل حي لوصولهم إليها ثابتاً مستمراً، وبعضها يبغضه لبغضهم من قرابته لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهم المنافقون من الناس».

ولدى التدبر في هذه الأسباب نجد أن الإلتزام بمشروعيتها يخالف الإيمان الواقعي وينافي ما إختاره الله وما إلتزم به النبي (صلى الله عليه وآله) عملياً وفي العديد من كلماته، والحق أن صرف الخلافة عن علي (عليه السلام) لم يكن إلاّ من قبل أفراد وبدوافع الحسد وحب الدنيا وقد حاولوا التغطية عليها، يشهد لذلك:

1 ـ محاورة عمر مع إبن عباس والتي ورد في بعضها قوله: أتدري ما منع قومكم منكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ قال ابن عباس: فكرهت أن أجيبه، فقلت له: إن لم أكن أدري فأمير المومنين (عليه السلام) يدري، فقال عمر: كرهوا أن يجمعوا لكم النبوة والخلافة فتبجحوا على قومكم بجحاً بجحاً فإختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفقت([1]).

2 ـ وفي محاورة أخرى لعمر مع ابن العباس: يا ابن عباس ما أرى صاحبك إلاّ مظلوماً، فقلت: يا أمير المؤمنين فأردد إليه ظلامته، فقال: فإنتزع يده من يدي ومضى يهمهم ساعة ثم وقف فقال: يا ابن عباس ما أظن منعهم عنه إلاّ أنه إستصغره قومه([2]).

3 ـ عن ابن عباس قال: قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمّة محمد (صلى الله عليه وآله)؟ وذلك قبل أن يطعن، فقلت: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم؟ قال: أصاحبكم؟ يعني علياً، قلت: نعم، هو لها أهل لقرابته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وصهره وبلائه، قال: ذلك رجل فيه دعابة([3]).

4 ـ يروى أن عمر قال لأصحاب الشورى: وأمّا أنت يا علي فوالله لو وزن إيمانك بإيمان أهل الأرض لرجحهم، فقام علي مولياً يخرج، فقال عمر: والله إنّي لأعلم مكان رجل لو وليتموه أمركم لحملكم على المحجة البيضاء، قالوا: ومن هو؟ قال: هذا المولي من بينكم، قالوا: فما يمنعك من ذلك؟ قال: ليس إلى ذلك سبيل([4]).

5 ـ ما ورد عن الإمام علي (عليه السلام) في خطبة الشقشقية: «بلى والله لقد سمعوها ووعوها، ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها»([5]).

 


______________________________________


[1]، 2 شرف الدين، المراجعات: 500، 502.

 

[3] الحسني، سيرة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام: 1 / 338.

[4] الحسني، سيرة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام: 1 / 339.

[5] نهج البلاغة، الخطبة: 3.