akdak

المقالات

قسم الفكر الاسلامي

المقدّمة الاُولى : في معنى الإرادة والاختيار

182

---------

 

أمّا معنى لفظ الإرادة والاختيار لغة : فالإرادة مشتقة من الرود ، ومنه الرائد أي طالب الماء والكلاء ، وهي على ما في اللغة تستعمل تارة بمعنى المشيئة وهي بمعنى إعمال القدرة ، واُخرى في التهيّؤ للفعل ، ولذا ربّما تسند الإرادة إلى الجدار كما في قوله تعالى : (جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ)([1]) أي كان مشرفاً على ذلك ، ولم نرَ من ذكر من معانيه الشوق الأكيد المحرّك للعضلات .

وأمّا الاختيار فهو بمعنى طلب الخير أو قبوله ، والروايات أيضاً تساعد ما ذكرنا ، ففي بعضها سأل الإمام (عليه السلام) الراوي : «أتقول أفعل ذلك إن شاء الله ؟ قال : نعم ، فقال (عليه السلام) : أتقول أفعل إن علم الله ؟ قال : لا»([2]) ، فيظهر من بيانه (عليه السلام) أنّ الإرادة إنّما هي بمعنى المشيئة التي هي من أفعاله تعالى لا  صفاته ، ثم إنّ المشيئة ـ أعني إعمال القدرة ـ بنفسها مقدورة ، والفعل المترتّب عليها مقدور بسببها ، وقد اُشير إلى ذلك في قوله (عليه السلام) «إنّ الله خلق المشيئة بنفسها ثمّ خلق الأشياء بالمشيئة([3])» ، فظاهره أنّ المشيئة بنفسها مقدورة وسائر الأفعال بها ، ومن الغريب ما حكاه في الوافي عن المير الداماد من تفسيره الرواية بأنّ المراد أنّه تعالى خلق مشيئة العباد بنفسها ثمّ خلق سائر الأفعال بها ، ولا ندري بأيّ وجه استظهر ذلك من الرواية .

وكيف كان ، لم يرد دليل على أنّ الإرادة تجيء بمعنى الشوق المحرّك للعضلات لنقع في محذور الجبر ، بل المحرّك للعضلات هو النفس والروح([4]) .

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] الكهف : 77 .

[2] انظر الكافي 1 : 109 ، ح2 .

[3] الكافي 1 : 110 ، ح4 .

[4] دراسات في علم الاُصول 1 : 162 ـ 163 . وقد تقدّم بعض الكلام عن الإرادة ومعناها في بحث الطلب والإرادة ، فراجع كما أنّه سيأتي شطر من الكلام عن ذلك في الوجه الثاني من وجوه الاستدلال على الجبر .