akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

المثقف الحقيقي- الحرية

154

---------

 

5 ـ الحرية

 

ينبغي للمثقف أن يتصف بالفكر الحر ، ولكن ليس كالمفكر الحر الاوربي «Free thinker» ، الذي ظهر في مقابل الكنيسة ، وفك عن عنقه كل انواع التعبد ، ولم يؤمن بأي التزام ديني . وهذا الفكر المنفلت من أي التزام بأي عقيدة أو دين ، لا يمكن أن يتحقق على ارض الواقع ; لان الحرية المطلقة في البعد الفكري أمر غير ممكن ، وحتى إن سلّمنا بإمكانية ذلك جدلاً فإنها ستكون حرية غير مستساغة ، فهل يمكن للانسان أن يصبح مثقفاً ثم لا يلتزم بكلمة حق ؟ وهل يستطيع المرء أن يعيش بلا فكر ؟ إذن أليس من الاجدر به أن يلتجىء إلى الحقيقة ، ويتحرر من الباطل ؟ المثقف الحقيقي هو مَنْ يتحرر ـ في المرحلة الاولى ـ من قيود اهوائه النفسية ، ويستسلم للعقل والمنطق ; وهذا الامر يتطلب جهداً ليس باليسير ، ثم يتحرر ـ في المرحلة الثانية ـ من أهواء الاخرين ، والعصبية القومية والطائفية والحزبية ، ثم يتحرر من الافكار المستوردة التي لا تنسجم مع الثقافة الوطنية والدينية . وفي الختام لابد أن نضيف أن المثقف بعيد كل البعد عن الجمود والسكون والسطحية ; ولهذا نلاحظ أن بعض العلماء ـ رغم التزامهم وجرأتهم النابعة من ايمانهم ـ لم يستطيعوا أن يمارسوا دور المثقف ، رغم أن الثورة الاسلامية أخذت تزيل تدريجياً هذا النقص عن هذا البعض ، ليحل الوعي والمعرفة محل التحجر والتقدس ، وتتعزز قدرتهم على رفع المستوى الثقافي والفكري في المجتمع ، ليصبحوا من ثم بحق دعاة الاصلاح الاجتماعي ، وتدبير شؤون المجتمع . هذا إذا أردنا ألاّ نخوض في حياة اولئك العلماء الذين بيضوا وجه التاريخ على مدى الزمان ، وأغنوا الثقافة الاسلامية بتراث ضخم ، ولازالوا يمدون الامة