akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

الأنانية

122

---------

لا شك أنّ المشكلة الأساسية التي تعاني منها الأمّة هي الأنانية التي تتجسّد في عدّة مظاهر، ولكنّها تشترك في كونها عقبة في طريق الأمة نحو الصمود والتقدم.

 

مظاهر الأنانية في سلوكنا

 

إن العالم يفترق ثم يتحد، ويحارب ثم يصطلح، وقد يظلّ طرفان يتحاربان عشرات السنين ولكنّهما بعد ذلك يصطلحان ويتعاونان ويتبادلان مع بعضهما البعض التكنولوجيا.. وقد يستمرّان في الصراع ولكنّهما - في نفس الوقت - يتعاونان في حدود معيّنة. أما نحن الذين الذي نعتبر أخوة سائرين على خط واحد، فترانا لا نبادر الى التعاون، لوجود الأنانية المتجذّرة والمتأصّلة في نفوسنا؛ هذه الأنانية التي لم نستطع التخلّص منها، من الممكن أن تتنامى وتتجسّد في عدّة مظاهر منها:

 

1- إن تطوير البرامج لا يعني أبداً أن نلقي بالشتائم على من كانوا قبلنا، فقد تكون لهم أعذار معيّنة، وقد تكون ظروفهم مستوجبة لوضع البرامج التي اختاروها لأنفسهم، وقد يكون عدم الاستطاعة هو الذي أصبح عقبة في طريق تطويرهم للبرامج.. وهكذا قد يكونون معذورين لألف سبب وسبب.

 

إن علينا أن نبدأ ونفكّر ونقوم بعمليّة التطوير من جديد، وهذه الفكرة هي الفكرة الصحيحة التي يجب أن نحملها، لأنّ هناك طائفة من الناس يأخذون من الأمور قشورها، ويتركون اللّب، فتراهم يلقون بالمسؤولية على الأجيال السابقة، ويتملّصون منها. أما نحن فنقول ما قاله القرآن الكريـم: «تِلْكَ اُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْئَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (البقرة/134) فسواء فعلوا خيـراً أم شــرّاً، فاننا نبقى مسؤولين عن أنفسنا.

 

وبالإضافة إلى ذلك فانّنا يجب أن لا نلغي دور السابقين من فكرنا، فهناك نقاط إيجابية كثيرة في حياتهم، ومواقفهم، علينا أن نستغلّها في تطوير برامجنا، والسير بها نحو الأفضل.

 

2- إنّ الذين ينظرون الى الأجيال الماضية نظرة تشاؤميّة لا يمكن أن يدفعهم الإيمان والعمل الصالح الى مثل هذه النظرة. ومن المفترض في الإنسان أن تدفعه القدوات الصالحة الى العمل، لا أن تثـبّطه القدوات السلبيّة الفاسدة. ومن الممكن أن يكون السابقون على حق، وعلى الصراط المستقيم؛ فهم قد عملوا، وبذلوا الجهود، ونحن أيضاً يجب أن نعمل؛ فلهم ظروفهم، ولنا ظروفنا، وكلٌّ مسؤول عن ظروفه، وعمّا يجب أن يعمله في هذه الظروف بالذات.

 

ومن جهة أخرى فانّنا يجب أن نستلهم من جهود السابقين دروساً لمتابعة أعمالنا، فالانسان لا يمكنه أن يعمل منقطعاً ومنفصلاً عن تأريخه؛ فهو يمثّل سلسلة تتأثّر بالحلقة الأولى كما تتأثر بالحلقة الوسطى حتّى تصل إليه، وجميع هذه الحلقات يجب أن تلهمنا الدروس والعبر الصالحة. فنحن يجب أن لا نلغي دور السابقين من عملنا وفكرنا، فقد كان لهم دورهم، وكانت لهم جهودهم وأتعابهم، ومع ذلك فانّنا يجب أن لا نقتصر على هذا الدور، بل يجب أن نكمل المسيرة، والإكمال هذا هو التغيير، والتطوير هو البناء وأن نضيف شيئاً جديداً.

 

3- وثمة أنانية تظهر داخل الفئات المختلفة من المسلمين؛ فهناك من يعمل في العراق، وهناك من يعمل في إيران أو أفغانستان... وكلّ هؤلاء يمثّلون أخوة، وقد يكونون محقّين، فلا نلغي أدوارهم، ولا نفكّر بأنّنا يجب أن نكون أفضل منهم، ونتخذ مواقف عنصرية ازاءهم. فلكل وردة رائحة، واختلاف الأدوار هو من مقتضيات الخلق، ونحن عندما نؤدي دوراً فانّ هذا لا يعني أنّ الآخرين لا يؤدّون أدواراً أخرى.

 

الآثار السيئة للأنانية

 

إن مشكلة الأنانية تظهر بوضوح عندما نجابه العدوّ، فاذا بنا نكتشف أنّنا قد تآكلنا من الداخل، وأصبحنا أضعف ما نكون، وفقدنا القدرة على مواجهة العدو الذي استطاع في غفلة منّا أن يتكامل، ويتبادل التعاون، ويوزّع الأدوار.

 

وعلى هذا؛ فانّ الأدوار يجب أن لا تلغي بعضها بعضاً، فكلّ واحد منّا له دوره، فلنحاول أن نجعل بين الأدوار نوعاً من التكامل لكي نكون قادرين على مواجهة العدو، ومتمكّنين من تحقيق الانتصار بإذن الله تعالى.