akdak

المقالات

القسم الاجتماعي

هل أخبرتم العطشان بعطشه؟!... المرجعية والناس في أزمة كورونا

115

حسن الجوادي

 

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لـ «موقع نجف بوست».

في الوقت الذي ينصح الاطباء واصحاب التخصص في المجال الصحي الناس بالوقاية واخذ موضوع الوباء على محمل الجد نجد استجابة بعض الناس ليست تامة فهنالك ضعف في الالتزام يخبرنا عن اهمال ولا مبالاة بمستويات مرعبة ومقلقة وحسب الاستقراء ظهر ان اهم الاسباب الاهمال:

1- التكذيب والعناد والتعصب وجرياً على قاعدة خالف تعرف وتعصب تتميز!

2- الغفلة عن خطورة المرض وتطبع الناس وتعايشها بصورة خاطئة فهم لا يدركون ان الاختلاط يفجر انتشار الوباء بصورة لا تصدق، ومن هنا تنطلق المرجعية بتوجيهها الاجتماعي وخطابها الرصين في بث رؤيتها التي يدعي العديد من الناس تمسكه بها، وقد نبهت المرجعية على خطورة الوضع أكثر من مرة ومارست ذلك عملياً لعل الناس تتأثر ومع ازدياد حالات الاصابة بكورونا اصدرت المرجعية مناشدة يظهر للمتأمل فيها عدة مؤشرات:

1- لأول مرة او قل يندر من المرجعية الدينية ان توجه خطاباً تقول فيه : نناشدكم! وندعوكم ونؤكد، حيث ان هذه التوكيدات لم تستعمل من اجل التوجيه فحسب بل لبيان خطورة الموقف وان الناس في شغل فاكهون ولم يكترثوا لخطورة الامر.

2- تؤكد المرجعية الدينية العليا ان السيطرة على الوضع الصحي مسؤولية المواطن والمسؤول فهذا يلتزم وذاك يوفر ويسهل الامور وتخاذل أحدهما يتسبب بكارثة لا تحمد عقباها!

3- تظهر المرجعية مرة اخرى كامل دعمها وتقديرها للجهود الجبارة التي يبذلها ابطال الجيش الابيض والمجاهدين العاملين في المجال الصحي.

4- ان ثناء المرجعية وتقديرها للعاملين في المجال الصحي هو دعوة لنا للالتزام والوقاية كي نسهل امرهم والتخفيف من معاناتهم، فان اهمال الناس تظهر نتائجه على الاطباء والموظفين في المستشفيات وازدياد الاصابات في صفوفهم يعني ازدياد الاهمال واللامبالاة!

لقد خاطبت المرجعية الدينية الناس بكل اللهجات وبكل الطرق ولا يسع المجال لان تقدم خطابات بلغات اخرى!!

 

ويبدو ان الردع القانوني هو الامثل بعد ان تنام النصيحة في آذان الناس دون تفعيل لها ولا اهتمام بها.

ان المرجعية الدينية ليست بديلة عن تفكير الناس لانهم ليسوا بروبوتات آلية تبرمجها وفق ما تريد، ويفترض ان تستعمل الناس عقلها لا سيما في مثل هذا الظرف.

تقف فاعلية الحكيم والقائد عند اختيار الناس فإما ان يدفعوه لحسن الظن بهم والاعتماد على وعيهم او تأسفه وخيبة ظنه، فلا يلام حين تهمل الناس النصحية او التوجيه فان فعالية الحكيم من التزام الناس وتطبيقها لما يقول.

المحير في المسألة ان خطورة الوضع لا تستدعي بيانات وخطب كثيرة فليس من الضروري اخبار العطشان بانه بحاجة الى ماء يروي غليله!

لكن الواقع يقول غير ذلك ويدفع الحكيم ان يخلي سبيله وينصح العطاشى بشرب الماء والعقلاء بالابتعاد عن النار، والاصعب ان تغدو مثل هذه السلوكيات اعتقادات وعادات يصعب التخلص منها، ويحسن هنا نقل ما افاده السيد السيستاني في تقريرات درسه: (ان كل مصلح اجتماعي اذا اراد التغيير -سواء كان ذلك في الامور السياسية ام الاقتصادية ام الثقافية- سيصطدم لا محالة مع معتقدات تمنع من ذلك). مباحث الحجج: تقرير السيد الرباني ، ص50.