akdak

المقالات

قسم التأريخ

مفاوضات الامام مع طلحة والزبير

245

الشيخ باقر شريف القرشي

لم يكتف الإمام (عليه السلام) بالوفد الذي أرسله للزبير وطلحة وعائشة فقد خرج بنفسه ليقيم الحجّة عليهم فالتقى بطلحة والزبير وقال لهما : استحلفا عائشة بحقّ الله وبحقّ رسوله على أربع خصال أن تصدق فيها : هل تعلم رجلا من قريش أولى منّي بالله ورسوله وإسلامي قبل كافّة النّاس أجمعين وكفايتي رسول الله (صلى الله عليه واله) كفّار العرب بسيفي ورمحي وعلى براءتي من دم عثمان وعلى أنّي لم أكن أستكره أحدا على بيعتي وعلى أنّي كنت أحسن قولا في عثمان منكما؟ .

فأجابه طلحة جوابا منكرا ورقّ له الزبير وقفل الإمام راجعا إلى أصحابه فقالوا له : بم كلّمت الرجلين؟ فقال (عليه السلام) : إنّ شأنهما لمختلف أمّا الزّبير فقاده اللّجاج ولن يقاتلكم وأمّا طلحة فسألته عن الحقّ فأجابني بالباطل ولقيته باليقين فقابلني بالشّكّ فو الله! ما نفعه الحقّ وأضرّ به الباطل وهو أي طلحة مقتول في الرّعيل .

وتحقّق ما تنبّأ به الإمام (عليه السلام) فقد صرع طلحة وزهقت نفسه لا على حقّ وإنّما على باطل صريح واضح.

ورأى الإمام (عليه السلام) أن يكسب الزبير وينقذه من الضلالة فخرج إليه وقد اعتلى بغلة رسول الله (صلى الله عليه واله) الشهباء وكان عاريا من السلاح فنادى أين الزبير؟ فخرج إليه شاكّا بسلاحه فقيل لعائشة إنّ الزبير قد خرج للإمام فخافت عليه وصاحت : واحرباه يا أسماء !

فقيل لها : إنّ عليّا خرج حاسرا فاطمأنّت واعتنق الإمام الزبير وقال له بلطف : ما الّذي أخرجك؟ ؛ فقال: دم عثمان.

ولم يحفل الإمام بهذا الاعتذار الذي لا نصيب له من الصحّة فأشاح عنه وأخذ يذكّره بما قاله رسول الله (صلى الله عليه واله) فيه : اناشدك بالله هل تعلم يا زبير أنّي كنت أنا وأنت في سقيفة بني فلان تعالجني واعالجك فمرّ بي رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : كأنّك تحبّه؟ قلت : وما يمنعني إنّه على ديني وهو ابن عمّتي فقال رسول الله : أما إنّه ليقاتلنّك وهو الظّالم .

ولم يسع الزبير إنكار ذلك وراح يقول بأسى وحزن : اللهمّ نعم.

فقال : فعلام تقاتلني؟ .

قال : نسيتها والله! ولو ذكرتها ما خرجت إليك ولا قاتلتك .

وانصرف الزبير وقد طافت به موجات من الأسى وندم كأشدّ ما يكون الندم على ما فرّط في أمر نفسه وقفل الإمام راجعا إلى أصحابه فبادروا قائلين : يا أمير المؤمنين سرت إلى رجل في سلاحه وأنت حاسر؟

فأجابهم الإمام :  أتدرون من الرّجل؟ إنّه الزبير بن صفيّة عمّة رسول الله (صلى الله عليه واله) أما أنّه قد أعطى عهدا لا يقاتلكم ، إنّي ذكرت له حديثا قاله رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال : لو ذكرته ما أتيتك .

وصاح أصحاب الإمام : الحمد لله يا أمير المؤمنين! ما كنّا نخشى في هذه الحرب غيره ولا نتّقي سواه .