akdak

المقالات

قسم الرجال والحديث

افتخار بن العاص وفرح الشاميين

390

باقر شريف القرشي

افتخر ابن العاص على أهل الشام بما حقّقه من انجاز عظيم في خداعه للغبي الأشعري واثر عنه من الشعر اعتزازه بذلك قال:

خدعت أبا موسى خديعة شيظم            يخادع سقبا في فلاة من الأرض

فقلت له : إنّا كرهنا كليهما                   فنخلعهما قبل التّلاتل والدّحض

فإنّهما لا يغضيان على قذى            من الدّهر حتّى يفصلان على أمض

فطاوعني حتّى خلعت أخاهم             وصار اخونا مستقيما لدى القبض

وإنّ ابن حرب غير معطيهم الولا     ولا الهاشميّ الدهر أو ربع الحمض

 وأعرب ابن العاص بهذه الأبيات عن سروره البالغ لخديعته للأشعري وأنّه حقّق الانتصار الكاسح لمعاوية.

وردّ ابن عبّاس على ابن العاص أبياته بقوله :

كذبت ولكن مثلك اليوم فاسق            على أمركم يبغي لنا الشّرّ والعزلا

وتزعم أنّ الأمر منك خديعة               إليه وكلّ القول في شأنكم فضلا

فأنتم وربّ البيت! قد صار دينكم      خلافا لدين المصطفى الطيّب العدلا

أعاديتم حبّ النّبيّ ونفسه                     فما لكم من سابقات ولا فضلا

فأنتم وربّ البيت! أخبث من مشى    على الأرض ذا نعلين أو حافيا رجلا

ولمّا شاع أمر التحكيم واذيعت نتائجه فرح الشاميّون كأشدّ ما يكون الفرح وطابت نفوسهم بفوز معاوية وافول دولة الحقّ وشمتوا بالعراقيّين وقد أعلن ذلك شاعرهم كعب بن جعيل بقوله :

كأنّ أبا موسى عشيّة أذرح             يطوف بلقمان الحكيم يواربه

فلمّا تلاقوا في تراث محمّد       نمت بابن هند في قريش مضاربه

سعى بابن عفّان ليدرك ثأره            وأولى عباد الله بالثأر طالبه

وقد غشيتنا في الزّبير غضاضة       وطلحة إذ قامت عليه نوادبه

فردّ ابن هند ملكه في نصابه          ومن غالب الأقدار فالله غالبه

وما لابن هند في لؤيّ بن غالب      نظير وإن جاشت عليه أقاربه

فهذاك ملك الشّام واف سنامه      وهذاك ملك القوم قد جبّ غاربه

وأنت ترى في هذا الشعر الاستهانة بالأشعري وأنّه ليس أهلا لأن يكون كفؤا لابن العاص والشماتة من الشاعر ظاهرة في العراقيّين الذين لم يقرّروا مصيرهم الحاسم بعد أن أشرفوا على الفتح فكان مثلهم كالتي نقضت غزلها .